الكرنفال وكوفيد-19 والزراعة الفنية في ترينيداد وتوباغو
2 فبراير 2024
في كل عام، يومي الاثنين والثلاثاء قبل أربعاء الرماد ، تشق الحشود طريقها عبر شوارع بورت أوف سبين وترينيداد، المغطاة بالأزياء الملونة للاحتفال بثقافتهم في موكب كرنفال الفرق الموسيقية من خلال موسيقى كاليبسو، وموسيقى سوكا، وبان ولايم (طريقة ترينيداد للتجمع والتواصل الاجتماعي).
وتقع روح الكرنفال في قلب ترينيداد وتوباغو، التي كثيرا ما تُعتبر أهم حدث اجتماعي في البلد. والكرنفال أساسي لاقتصاد ترينيداد وتوباغو. وفضلا عن ذلك، يعزز الكرنفال الاقتصاد الاجتماعي لمدة ستة أسابيع على الأقل كل عام من خلال صناعات من الترفيه والأعمال المصرفية الجارية لتوفير الضيافة أثناء المهرجان من أجل تحقيق إيرادات كبيرة.
وكان كرنفال ترينيداد وتوباغو أحد ضحايا جائحة كوفيد-19 في عام 2021 و2022، وعلى إثرها أُلغيت الاحتفالات التي كانت يجب أن تراعي احترام المسافات الاجتماعية والقيود المفروضة على السفر وعمليات الإغلاق. وكان لذلك تأثير كبير على اقتصاد البلد، ودفع الأطراف الفاعلة الرئيسية في صناعة الكرنفال إلى استكشاف سبل للحفاظ على روح الكرنفال طوال العام على الرغم من وجود قوى خارجية مثل الأوبئة.
منح مأوى للتاريخ
كانت روزاليند غابريال في ذلك الوقت رئيسة لجمعية فرق كرنفال ترينيداد وتوباغو، وهي عضو بارز في مجتمع الكرنفال إذ خصصت أكثر من 50 عاما من حياتها لصنع ملابس الكرنفال من أجل الأطفال، ولطالما حلمت بإنشاء متحف للكرنفال. وهذا الوباء مثَّل فرصة نادرة لتحويل هذا الحلم إلى واقع.
وتعاونت مع كينياي تاي، وهو خبير استشاري متمرس لعدة سنواتفي مجال الكرنفال، لقيادة عملية تطوير منظمة غير حكومية لإقامة متحف كرنفال في مدينة بورت أوف سبين. وأعربوا عن رغبتهم في منح مأوى لثقافتهم وتاريخهم. وأدى النشاط الاقتصادي المنخفض الذي ولدته الجائحة إلى خلق فرص لكثير من الجهات الفاعلة الرئيسية من مجتمع الكرنفال للتطوع في اللجنة التوجيهية لمتحف الكرنفال. وكانت مهمة اللجنة التوجيهية هي تنفيذ إنشاء المتحف المادي والتحضير لتسليم الأعمال فيما بعد لفريق عامل في المتحف.
يقع المتحف في مبنى بيني بانك التاريخي، الذي طرحه مصرف ترينيداد وتوباغو الوطني الأول للمناقصة العامة في عام 2021. ويكتسب المبنى أهمية تاريخية كبيرة نظرا لقربه من مسقط رأس الكرنفال، في شرق بورت أوف سبين. ويعرض متحف الكرنفال التاريخ الثقافي الثري لترينيداد وتوباغو، ورغم وجود أعمال تجديد في مبنى بيني بانك، نُظمت عدة معارض مؤقتة بشأن قصص الكرنفال.
في بعض الأحيان، يصعب على أن أصدق أنه بإمكاني مد يدي ولمس جدران متحف كرنفال ترينيداد وتوباغو. وبعد سنوات عديدة من انخراطي في أعمال الكرنفال، كنت أحلم دائما بمتحف يعرض تاريخنا الحافب بالأزياء (ماس). وتعاونت عدة قوى لجعل الحلم حقيقة، ففي البداية، تم تحويل المبنى الذي كان يُستخدم للأعمال المصرفية وموقعه كان قابعا في مكان نشأة الكرنفال، أي شرق مدينة بورت أوف سبين. ولاحقاً، عصفت جائحة كوفيد بالعالم بكل قوة مما أدى إلى تطبيق الإغلاق. وهذا الحدث قد سمح للعديد من الأشخاص المرتبطين بهذا المشروع بالتفرغ من أجل انطلاقه. وبقية القصة معروفة.
روزاليند غابريال، مديرة متحف كرنفال ترينيداد وتوباغو
كان أول معرض مؤقت في متحف الكرنفال هو "تاريخ الكرنفال"، وافتتح في يوليو 2022. وفي عام 2023، استضاف المتحف معارض مؤقتة بشأن "قصة جوفاي" و "تطور المقلاة الفولاذية في الفن" و "قصة موسيقى الكاليبسو التي تضم أيضا قصة المرأة وفن الكاليبسو". وأطلق معرض "تطور المقلاة الفولاذية في الفن" في أغسطس 2023 احتفالاً باليوم الدولي للفولاذ. والمعرضان "تطور المقلاة الفولاذية في الفن" و "قصة موسيقى الكاليبسو التي تضم أيضا قصة المرأة وفن الكاليبسو" متاحان للزوار طوال موسم الكرنفال 2024.
تنمية الثقافة من خلال الإبداع والملكية الفكرية
سيتألف المتحف الذي يعمل بكامل طاقته من متحف مادي مع معارض دائمة ومؤقتة، ومتحف افتراضي وقاعة حافلة بصور المشاهير في مجال موسيقى الكاليبسو وموسيقى البان وأزياء الماس، فضلاً عن مركز للبحث والتعليم. وسيُستخدم مركز التعليم في المتحف لتدريب عاملي الكرنفال على كيفية توليد الدخل من إبداعهم، وتعليم الشباب بشأن الأشكال الفنية للكرنفال مثل صنع الأزياء، والمشي على الركائز، والقتال بالعصا، والطبول، والرقص، والعزف على المقلاة، والكاليبسو، وتجسيد الشخصيات التقليدية.
وسيولد متحف الكرنفال إيرادات من مبيعات التذاكر ومن متجر حقيقي للمعلومات المالية والإلكترونية لبيع سلع الكرنفال ومن الكافيتريا ومن تأجير مساحات في المتحف لتنظيم الأحداث. وعند وضع استراتيجية عمل المتحف، اتصلت روزاليند وكيني بريغان أسغارالي، المراقب المالي في مكتب ترينيداد وتوباغو للملكية الفكرية للحصول على إرشادات بشأن مسائل الملكية الفكرية. وبعد إصدار دعوة من أجل تقديم الدعم، اشتركت الويبو في تنظيم مؤتمر مع مكتب الملكية الفكرية في ترينيداد وتوباغو لصالح اللجنة التوجيهية التابعة للمتحف الكرنفال من أجل وضع استراتيجية للملكية الفكرية في المتحف. ونُظم المؤتمر وقُدِمت استراتيجية الملكية الفكرية في إطار حزمة الويبو للاستجابة لجائحة كوفيد-19، لتدعم المشاريع القائمة على التأثير والتي تسهم في الانتعاش الاقتصادي للدول الأعضاء في أعقاب الجائحة.
لطالما كانت الملكية الفكرية وتطبيقها في قطاع الكرنفالات الإبداعية تحديا يتعين تنفيذه في غياب نموذج مناسب يحتذى به. ولذلك كان توقيت المؤتمر مناسبا ومفيدا للجنة التوجيهية لمتحف الكرنفال بغية وضع استراتيجية للملكية الفكرية.
كيناني أتاي، خبير الكرنفال ورئيس اللجنة التوجيهية لمتحف الكرنفال
استراتيجية الملكية الفكرية لمتحف كرنفال ترينيداد وتوباغو تمثل أداة مرجعية وُضعت لمنظمي المهرجانات لإرشادهم في المسائل المتعلقة بإدارة أصول الملكية الفكرية للكرنفال مثل الموسيقى وفنون الأداء والأزياء والفن. وتتألف الاستراتيجية من مجموعة من أفضل ممارسات الملكية الفكرية التي ستمكن ممارسي المهنة من حماية ثقافة ترينيداد وتوباغو وأشكالها الفنية والحفاظ عليها والاستفادة منها، من أجل الاستدامة التعليمية والتجارية طويلة الأجل للتراث الثقافي للبلد.
وتعتبر اعتبارات الملكية الفكرية المتعلقة بحقوق الامتياز والتسويق للمتحف جزءا من الاستراتيجية التي ستمكن من توليد إيرادات متسقة للمتحف. وكجزء من الدعم الذي تقدمه الويبو، سيُنْشَأُ مكتب مساعدة في مجال الملكية الفكرية بالتعاون مع المتحف لمساعدة ممارسي المهنة في صناعة الكرنفال على تحديد مستحقات الملكية الفكرية الخاصة بهم. ويشارك أيضا المركز الوطني للتدريب في مجال الملكية الفكرية في ترينيداد وتوباغو، وهو مؤسسة تابعة للويبو للتدريب في مجال الملكية الفكرية ، في تدريب المنخرطين في مجال الكرنفالات على معرفة أهمية وقيمة ملكيتهم الفكرية لثقافتهم واقتصادهم من خلال المتحف.
وبفضل توجيه ودعم معهد التدريب في مجال الملكية الفكرية في تنظيم حلقات العمل IPTI ومكتب المساعدة في مجال الملكية الفكرية، أصبح متحف الكرنفال في وضع جيد لإشراك الممارسين والفنانين الذين لديهم الآن وسيلة للاستمتاع بثمار أفكارهم وإبداعهم.
اطلع(ي) على دور الملكية الفكرية في كرنفال ترينيداد وتوباغو
وفي الحلقة التالية من المحادثات الدراسية لسلسلة البودكاست المصغرة، سيتحدث ريغان أسغارالي، المراقب المالي لمكتب الملكية الفكرية في ترينيداد وتوباغو، عن كون الملكية الفكرية عنصرا أساسيا في الكرنفال، مما يمكن الناس من الاحتفال بثقافتهم والمساهمة في الاقتصاد الاجتماعي للبلد: