وجهة نظر كينية حول حق المؤلف والبث الرياضي

بقلم هيزيكيل أورا، أستاذ قانون في كلية الحقوق بجامعة ماونت كينيا بكينيا

أصبحت الرياضة صناعة عالمية وأسهمت إسهاماً هائلاً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في العالم. ويستفيد البعض من الرياضة لتحقيق أهداف سياسية وطنية غير أن التطور السريع للرياضة العالمية يقوم على ضرورات اقتصادية وثقافية ويعززه التطور السريع للتكنولوجيا. وفي كينيا ارتبطت الرياضة تاريخياً بثقافة الشعوب الأصلية وتقاليد دخول مرحلة البلوغ أو تحديد مكانة المحارب. والأحداث الرياضية الحديثة هي امتداد للرياضات الأصلية عن طريق المعارك الوهمية والطبول ومصارعة الثيران وصراع الديوك والرقص (انظر The Africans: A Triple Heritage, Ali A, Mazrui (1987)).

وقد أدى ظهور تقنيات الاتصال والبث الجديدة إلى تغير المشهد الرياضي في كينيا. إذ أدى ظهور الهيئات الرياضية العالمية لتنظيم الأحداث الرياضية، وإلغاء الضوابط على البث، وظهور تكنولوجيات البث الجديدة إلى تحول الرياضة إلى وسيلة للترفيه. وتحوِّل تغطية البث الأحداث الرياضية إلى قصص من خلال التعليقات والمقابلات مع المشجعين أو اللاعبين وتحليل المباريات مع عرض رسوم بيانية وأغاني وغيرها من العناصر المسجَّلة مسبقاً قبل البث.

وقد أتاح البث التلفزيوني والإذاعي الأحداث الرياضية للجماهير العالمية مشجعاً إقبالهم على المشاهدة والاستماع. وفي كينيا، يحفز البث المجاني والبث التلفزيوني المدفوع والبث الساتلي والكبلي وغيره من وسائل البث الشبكي سوق الرياضة ونسب المشاهدة الرياضية.

أدى ظهور تقنيات الاتصال والبث الجديدة إلى تحول الرياضة في كينيا إلى وسيلة ترفيه. (الصورة: Getty/isitsharp).

أتاح البث التلفزيوني والإذاعي الأحداث الرياضية للجماهير العالمية مشجعاً إقبالهم على المشاهدة.

وقد أدى ظهور تقنيات الاتصال والبث الجديدة إلى تغير المشهد الرياضي في كينيا. إذ أدى ظهور الهيئات الرياضية العالمية لتنظيم الأحداث الرياضية، وإلغاء الضوابط على البث، وظهور تكنولوجيات البث الجديدة إلى تحول الرياضة إلى وسيلة للترفيه. وتحوِّل تغطية البث الأحداث الرياضية إلى قصص من خلال التعليقات والمقابلات مع المشجعين أو اللاعبين وتحليل المباريات مع عرض رسوم بيانية وأغاني وغيرها من العناصر المسجَّلة مسبقاً قبل البث.

وقد أتاح البث التلفزيوني والإذاعي الأحداث الرياضية للجماهير العالمية مشجعاً إقبالهم على المشاهدة والاستماع. وفي كينيا، يحفز البث المجاني والبث التلفزيوني المدفوع والبث الساتلي والكبلي وغيره من وسائل البث الشبكي سوق الرياضة ونسب المشاهدة الرياضية.

وعلى الصعيد العالمي، فإن الحقوق المرتبطة ببث الأحداث الرياضية ليست واضحة تماماً. إذ تعتمد المناطق المختلفة سوابق قضائية مختلفة لتفسير تلك الحقوق. وفضلاً عن ذلك، فإن غالبية قوانين حق المؤلف الوطنية، بما فيها المادة 22(1) من قانون كينيا بشأن حق المؤلف لسنة 2001، لا تتناول مسألة البث الرياضي وحق المؤلف والرياضة. ونتيجة لذلك، تشكل قرارات المحاكم في معظم البلدان أساس تفسير الحقوق المرتبطة بالبث الرياضي. وفي الاتحاد الأوروبي مثلاً، خلص قرار عام 2011 الصادر عن محكمة العدل الأوروبية (CJEU) في قضية Football Association Premier League Ltd ضد QC Leisure (C403/08) أن برامج البث المباشرة لمباريات الدوري الإنكليزي الممتاز لا تشكل إبداعاً فكرياً لصاحبها ومن ثم فهي ليست من أعمال التأليف. ومن ثم، استثنى هذا القرار برامج البث المباشر للأحداث الرياضية من حماية حق المؤلف. وفي الولايات المتحدة، يكفل قانون حق المؤلف لسنة 1976 (القسم 102) الحماية للبث الرياضي المباشر شريطة تسجيل الحدث في الوقت الفعلي. ومع ذلك، فإن موضوع الحماية بموجب حق المؤلف ليس الأحداث الرياضية نفسها بل المساهمة الإبداعية للمخرج والمصور في اختيار الحدث وتحديد زوايا التصوير وإنتاجه العام وبثه. وفي الهند، خلصت محكمة نيودلهي العليا في قضية Institute Inner Studies ضد Charlotte Anderson إلى أنه لا يجوز حماية برامج البث الرياضية بموجب حق المؤلف لأنها لا تستوفي شروط الأصالة والقابلية للتنبؤ. وفي قضية Titan Sports Inc. ضد Mansion House (Toronto) Ltd (1989)، خلصت محكمة كندا الفدرالية إلى عدم جواز حماية بث الأحداث الرياضية المباشرة بموجب حق المؤلف ما لم يُجرَ تسجيل في الوقت الحقيقي لإضفاء طابع سمعي بصري عليها. وأما في أستراليا، فقد رأت المحكمة المجتمعة للمحكمة الفدرالية في قضية National Rugby League Investment Pty Ltd ضد SingTel Optus Pty Ltd أن برامج بث مباريات "الرغبي" مشمولة بمبادئ حق المؤلف المنصوص عليها في قانون أستراليا بشأن حق المؤلف.

وفي ظل كل هذه الاختلافات، دعونا ندرس السوابق القضائية المتصلة بحقوق البث الرياضي في كينيا. ولكن قد يكون من المفيد أولاً دراسة طبيعة الأحداث الرياضية وإدارتها في كينيا.

طبيعة الرياضة وحقوق أماكن الرياضة في كينيا

يعرِّف قانون الرياضة في كينيا الرياضة بعبارات واسعة للغاية ويغطي الأحداث الرياضية الاحترافية وشبه الاحترافية وأحداث الهواة. وتشمل الرياضات التنافسية الأكثر شيوعاً في كينيا أحداث سباقات الميدان والمضمار والركض؛ وسباق الدراجات؛ وكرة سلة؛ والكريكيت؛ والتايكويندو؛ وكرة القدم الأمريكية؛ وسباق الخيل.

وفي كينيا يتحكم منظمو الأحداث الرياضية في الدخول إلى الأماكن الرياضية. وينشأ استخدامهم لحقوق الملكية العقارية (أي على الأرض أو الممتلكات المجاورة) لتأمين الوصول إلى مكان رياضي عن واقع أن الأحداث الرياضية في الموقع لا تتمتع بحقوق الملكية (انظر Victoria Park Racing and Recreation Grounds, Co. Ltd ضد Taylor (1937)). ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم إمكانية التنبؤ بنتيجة معظم الأحداث الرياضية والسبب في ذلك هو أن الرياضيين يسعون إلى الفوز وليس الإبداع.

وبتطبيق حقوق الملكية العقارية، يمكن لمنظِّم الحدث منح دخول مشروط أو رفض دخول المشجعين أو المذيعين أو الكيانات الإعلامية الأخرى. ويستند ما يُعرف باسم "حق المنزل" في التحكم في دخول مكان محدد إلى العلاقات التعاقدية وليس حق الملكية وله قابلية محدودة للتطبيق خارج الأماكن المغلقة والمؤمنة.

الصلة بين البث الرياضي وحق المؤلف في كينيا

في كينيا، يغطي قانون حق المؤلف حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة. وتنص المادة 22(1) من هذا القانون على فئات من الأعمال تتمتع بحماية حق المؤلف. ويشمل ذلك الأعمال الأدبية والفنية والموسيقية والسمعية البصرية والتسجيلات الصوتية والبث. ولا ينص القانون على الأنشطة الرياضية غير أنه يوضح ما إذا كان يجوز حماية الإشارة التي تحمل حدثاً رياضياً كبرنامج بث. فعلى سبيل المثال، تنص المادة 23(3) من القانون ذاته على أن المصنف الأدبي أو الفني أو الموسيقي لا يكون مؤهلاً للحماية بموجب حق المؤلف ما لم "1" يُبذل جهد كاف لإضفاء طابع أصلي عليه؛ "2" وتم تدوينه أو تسجيله أو تقليصه بشكل مادي. ولذلك يُفسر التشريع بأنه ينص على أن تظل عمليات البث والتسجيلات الصوتية والمصنفات السمعية والبصرية خارج نطاق مبدأ الأصالة. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن هذه الأعمال ذات طبيعة ريادية وتتمتع على هذا النحو بحماية الحقوق المجاورة. وفي هذا السياق، لا يعتمد الحق المجاور لهيئة البث على ما إذا كان المحتوى الذي تعمل عليه مؤهلاً للحماية بموجب حق المؤلف.

ويُعرِّف قانون حق المؤلف في كينيا (المادة 2) البث بأنه "نقل سلكي أو لاسلكي لأصوات أو صور أو كليهما أو تمثيل لهما بطريقة تتسبب في تلقي الجمهور لهذه الصور أو الأصوات وتشمل الإرسال بواسطة الأقمار الاصطناعية". ومن ثم، يشير القانون إلى أن البث هو إرسال موجات كهرومغناطيسية مدمجة مع الصور أو الأصوات أو كلتيهما تُنشر عبر الهواء أو عبر الأقمار الاصطناعية كي يستقبلها الجمهور. ويستتبع ذلك أن البث عبارة عن إشارات إلكترونية تحمل برامج إذاعية أو تلفزيونية وتُنقل في حالة كينيا بوسائل سلكية أو لاسلكية بواسطة هيئة البث أو نيابة عنها لكي يستقبلها الجمهور. ويشترط قانون حق المؤلف أن تكون الصور أو الأصوات المضمنة في إشارة البث مؤهلة للحماية بموجب حق المؤلف. وعليه، فقد تتعلق هذه الصور أو الأصوات بأحداث رياضية أو غيرها من المواد غير المحمية بحق المؤلف بشرط أن يكون الهدف هو تلقي الجمهور لها. وعندما تحظر هيئة البث استخدام معين لإشاراتها، فإن الحظر سيمتد ليشمل المحتوى الذي تحمله الإشارة ولكن فقط في هذا السياق بالذات وبتلك التركيبة المحددة. ومن ثم، يجوز حماية الأحداث الرياضية في كينيا كما يلي:

    1. برامج البث على أساس أنها أعمال ريادية مؤهلة للحماية بموجب الحقوق المجاورة. وتستند الحماية إلى الجهود الريادية التي تبذلها هيئات البث والاستثمار في نشاط البث، وتُمنح بغض النظر عن إمكانية حماية المحتوى موضع البث بموجب حق المؤلف. ففي قضية Kenya Broadcasting Corporation ضد another مثلاً، أصدرت المحكمة العليا في نيروبي أمراً ضد المتهمين بمنعهم من إعادة البث دون إذن المدعي لفعاليات كأس العالم لكرة القدم لعام 2014 في البرازيل التي يتمتع المدعي بحقوق بث أرضي حصرية عليها. ويعني الحكم أن مجرد بث هيئة البث لحدث رياضي يجعله مؤهلاً للحماية كبرنامج بث.
    2. المصنفات السمعية البصرية على أساس تعريف قانون حق المؤلف في كينيا:
"تثبيت بأي وسيلة مادية لصور إما بصوت أو بدون صوت ويمكن من خلالها نسخ صورة متحركة بأي وسيلة. وفي كينيا، يتم حماية تسجيل الصور المتحركة (أي عمل سمعي بصري) بموجب قانون حق المؤلف بغض النظر عن أصالة المحتوى محل التسجيل.
  1. قد تشكل التسجيلات الصوتية، بقدر ما هي تعليقات رياضية أو مقابلات مع المعجبين أو الرياضيين أو تحليل خبراء للحدث، تثبيتاً صوتياً مؤهلاً للحماية بموجب حق المؤلف. وفي كينيا، قد يكون التسجيل الصوتي عبارة عن أداء أو أي صوت آخر بما في ذلك التعليق الرياضي أو التحليل أو المقابلات أو الأناشيد بغض النظر عن طريقة تثبيت الأصوات أو وسيط أو جودة التثبيت.
  2. في كينيا، قد تكون الأحداث الرياضية مؤهلة أيضاً للحماية كأعمال فنية. وعلى الرغم من أن الحدث الرياضي بحد ذاته ليس عملاً فنياً، فإن عناصر هذه الأحداث والطريقة التي يتم بثها بها هي إبداعات فنية. وعادةً ما تقوم هيئات البث بإثراء تغطيتها بعناصر إبداعية وبيانية وتحول تغطيتها إلى إخراج فني مؤهل للحماية بموجب قانون حق المؤلف.
  3. لكن هل يمكن اعتبار بث الأحداث الرياضية أداءً؟ يعرِّف قانون حق المؤلف في كينيا (المادة 30(6)) الأداء بأنه تصوير عمل حالي مكون من أفعال مثل الرقص أو اللعب أو القراءة أو الغناء أو التصريح أو العرض على المستمعين بأي طريقة كانت. ونظراً إلى أن الأداء يجب أن يستند إلى عمل موجود مسبقاً، فإن الأداء الرياضي لا يكون مؤهلاً للحماية بموجب قانون حق المؤلف في كينيا ولا يمكن اعتبار نقله أداءً رياضياً بالمعنى الدقيق للكلمة.

وخلاصة القول إن كل ما يدور في أماكن الأحداث الرياضية غير مؤهل للحماية بموجب حقوق الملكية الفكرية لأن تحركات وأفعال الرياضيين تركز على تحقيق نتائج ونواتج محددة. وفضلاً عن ذلك، تخضع المسابقات والبطولات الرياضية لمجموعة من القواعد المحددة التي تحد من الإبداع وتؤدي إلى نتائج غير قابلة للتنبؤ. فمن وجهة نظر المشجعين والمعجبين، هذا الطابع غير المؤكد للنتائج هو ما يجعل المشاهدة ممتعة. ومع ذلك، تخضع الأحداث الرياضية لعمليات إخراج لغرض البث، إذ تحوَّل إلى أحداث إعلامية تشهد على المهارات الفنية والتنظيمية والتجارية لهيئة البث. وبعد إدماج هذه الأحداث في إشارات البث، تصبح جزءاً لا ينفصم عن برنامج البث الذي يتمتع بحقوق مجاورة. وفضلاً عن ذلك، عندما تُسجَّل أصوات مرتبطة بحدث رياضي – مثل التعليقات والأغاني والمقابلات – تصبح مؤهلة للحماية بموجب حق المؤلف بصفتها تسجيلات صوتية. وفي حال تسجيل صور للحدث مع تلك الأصوات، تُصبح مؤهلة للحماية بصفة أعمال سمعية بصرية. وإضافة إلى ذلك، قد تكون برامج البث الرياضية مؤهلة للحماية كأعمال فنية نظراً إلى القيمة المضافة خلال تسجيل حدث رياضي وإخراجه ونقله. وأخيراً، لا تكفل كينيا الحماية لبرامج البث -الرياضي كعروض أداء لأنها لا تقوم على أي عمل موجود مسبقاً.