في ملتقى عالمين: عالم الملكية الفكرية وعالم الرياضية

يتعمق اليوم العالمي للملكية الفكرية هذه السنة في عالم الرياضة وينظر في كيفية قيام حقوق الملكية الفكرية - أي البراءات والعلامات التجارية والتصاميم وحق المؤلف والحقوق المجاورة وحتى حماية الأصناف النباتية (نجيلة الملاعب الرياضية مثلاً) - بدعم المنظومة العالمية للرياضة التي تشكل مسرحاً فريداً يجمع جهات عديدة تتفق مصالحها.

الجهات الفاعلة

تشمل بوجه عام الأطراف التالية:

  • منظمو الأحداث الرياضية والبطولات والمسابقات الذين يسعون إلى تنظيم حدث عالي الجودة لجذب رياضيين رفيعي المستوى وجمهور وحضور واسعَين؛
  • الاتحادات الرياضية التي تحدد قواعد اللعبة وتحافظ على نزاهة الرياضة التي تعنيها. وهي تسعى إلى ضمان أن الرياضيين والفرق يلعبون على أعلى مستوى ويجذبون المزيد من الناس إلى الرياضة توسيعاً لقاعدتها الشعبية؛
  • الرياضيون وفرقهم ومدربوهم الذين يريدون التفوق على أنفسهم وتحقيق أرقام قياسية جديدة والفوز ويبحثون عن التكريم لإنجازاتهم؛
  • مصنعو المعدات الرياضية الذين يبتغون النجاح التجاري. ولذلك، فهم يركزون على تصنيع منتجات مبتكرة وعالية الجودة تمنحهم ميزة تنافسية في السوق؛
  • هيئات البث وغيرها من المنصات الإعلامية التي تسعى إلى امتلاك حقوق استئثارية على بث تلك الأحداث المثيرة بثاً مباشراً من أجل زيادة نسب المشاهدة؛
  • الشركات الراعية التي تستغل علاماتها التجارية في إطار صفقات الرعاية من أجل ترويج منتجاتها في الأماكن الرياضية، وهي توفر دخلاً إضافياً كبيراً لمنظمي الأحداث الرياضية؛
  • عشاق الرياضة الذين يبحثون عن أفضل تجربة ممكنة؛ وعندما لا يسعهم حضور حدث ما، يريدون مشاهدته بأعلى جودة ممكنة وكأنهم داخل الملعب.
وتدعم حقوق الملكية الفكرية جميع العلاقات التجارية التي تقوم عليها الأحداث الرياضية وتتيح لنا مشاهدة الألعاب الرياضية كلما وحيثما وكيفما نشاء. ولكن قبل متابعة هذا الموضوع، دعونا نتحدث عن أسباب وجود نظام الملكية الفكرية

مغزى حقوق الملكية الفكرية

الغرض الرئيسي من حقوق الملكية الفكرية هو تشجيع الابتكار والإبداع بالتأكد من أن المخترعين والمبدعين يحصلون على مكافأة عادلة على عملهم تكفل لهم المعيشة فضلاً عن حماية السمعة الحسنة للوسوم.

وتحمي الحقوق المختلفة أنواعاً مختلفة من الملكية الفكرية، مثل الاختراعات (البراءات) والوسوم (العلامات التجارية) والتصاميم (حقوق التصميم الصناعي أو براءات التصميم) والأعمال الإبداعية مثل البرامج الرياضية وغيرها من المخرجات الإبداعية المتعلقة بالرياضة وبعض الإذاعات الرياضية (حق المؤلف والحقوق المجاورة).

وحقوق الملكية الفكرية تمكِّن أصحابها من منع الغير عن نسخ أعمالهم المشمولة بتلك الحقوق أو استخدامها قبل الحصول على إذنهم. ويعني ذلك أنه يمكن لأصحاب الحقوق الحصول على ثمن مقابل استخدام حقوقهم. ويشجع هذا الحافز الاقتصادي الأشخاص والشركات على الاستثمار في الابتكارات والإبداعات والمنتجات الموسومة التي نستفيد منها جميعاً.

وتكون غالبية حقوق الملكية الفكرية صالحة لفترة محدودة ولا تُمنح إلا بعد استيفاء شروط معيَّنة. وتوجد أيضاً قواعد تجيز استخدام أنواع مختلفة من الملكية الفكرية، في حالات محددة، دون الحصول على إذن مسبق من صاحب الحقوق. وتكفل تلك الترتيبات التوازن بين مصالح المبتكرين والمبدعين ومصالح الجمهور العام حتى يستفيد الجميع من فوائد الملكية الفكرية.

وخلاصة القول إن حقوق الملكية الفكرية تشجع الابتكار والإبداع في كل المجالات ومنها الرياضة. وتعني زيادة الابتكار والإبداع في مجال الرياضة ضمان سلسلة منتظمة من الأساليب الجديدة للارتقاء بالأداء الرياضي وتمتعنا بالرياضة، ولا سيما ظهور معدات أفضل وزيادة الفرص التجارية وفرص العمل وتوفير تجربة رائعة للمشجعين.

البراءات والاختراعات

لطالما كانت التكنولوجيا تؤثر في عالم الرياضة غير أن ظهور التكنولوجيات الرقمية قد أدى إلى تطورات تكنولوجية غير مسبوقة. فقد ارتقت التقنيات الابتكارية – المحمية عادةً بموجب براءات (أو أسرار تجارية) – بالرياضة إلى عالم جديد. إذ نقلت التجربة الرياضية من معسكرات التدريب إلى غرفة المعيشة، ففتحت آفاقاً جديدة أمام رياضات جديدة – مثل الرياضة الإلكترونية وسباق الطائرات بدون طيار. واليوم تشهد التكنولوجيات الرياضية نمواً هائلاً.

(Photo: Zhor-Tech)

حذاء الأمان الذكي لشركة ZHOR-Tech
يراقب ويحلل النشاط الرياضي ويوفر بيانات لتحديد أخطار الإصابة
وتحسين الأداء. الصورة: Zhor-Tech.

وقد باتت المعدات الرياضية الذكية المزودة بأجهزة استشعار وغيرها من تقنيات المعلومات والاتصالات المتطورة منتشرة على نطاق واسع. وتتيح هذه التقنيات الذكية للرياضيين (المحترفين والهواة) ومدربيهم مراقبة أدائهم وتقييمه وتحديد مجالات التحسين. وقد يكون الرياضيون المحترفون أول من يجرب ويستخدم تلك التقنيات، ولكننا نستفيد جميعاً منها بعد إطلاقها في الأسواق ولا سيما في مراقبة تماريننا اليومية ومستويات ترطيب جسمنا وما إلى ذلك.

وإن المواد المركبة القوية والمتينة والخفيفة، مثل تلك المستخدمة في الأحذية الرياضية وغيرها من معدات الحماية كخوذات ركوب الدراجات والتزلج، تزيد من أمان الرياضة وتقلل من خطر إصابة الرياضيين وعشاق الرياضة على كل المستويات.

وفي الملاعب الرياضية، تُستثمر الملايين في التقنيات المبتكرة لضمان انتفاع المشجعين بمزيج غني من التجارب المادية والرقمية. وتضمن الشبكات اللاسلكية (الواي فاي) العالية الجودة أن يظل المشجعون متصلين بالإنترنت باستمرار وقادرين على تبادل تجاربهم مع أصدقائهم والاستفادة من التطبيقات المحمولة التي توفر مجموعة واسعة من الخدمات للحصول على تجربة خالية من المتاعب – من البحث عن موقف للسيارة أو طلب طعام أو الحصول على مقعد أفضل في ملعب رياضي إلى مشاهدات إعادات عالية الدقة للأحداث وعرض لقطات قريبة وبيانات وأكثر من ذلك. وبالمثل، تمكِّن تقنيات البث المتقدمة المشجعين في الأماكن البعيدة من الاقتراب أكثر من أحداث الملعب أينما وكيفما شاؤوا.

وتُحدِث التقنيات الابتكارية أيضاً تحولاً في تجربة المشجعين عن طريق استحداث العديد من الطرق المثيرة لكي يتمتعوا بالرياضة التي يحبونها. وتتعاون المؤسسات الرياضية مع شركات التكنولوجيا لضمان أن يكون المحتوى الرياضي اجتماعياً (أي قابل للمشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي) ومتوفراً (على أجهزة متعددة)، وتفاعلياً (قابل للتكييف) وجذاباً.

تمكِّن التقنيات المتطورة، كتلك التي تستحدثها شركات مثل Orthotec، الرياضيين الذين يعانون من إعاقات مثل Cornel Villiger (في الصورة) من تحطيم الأرقام القياسية. الصورة: المؤسسة السويسرية للمشلولين.

كيف تتعاون الرياضة والتكنولوجيا لإثراء تجربة المشجعين

أعلنت وكالة Sports Business Media إبرام اتفاق محتوى عالمي ومتعدد السنوات بين الرابطة الوطنية للهوكي في كندا وشركة Disney Streaming Services يتضمن "عرضاً أسبوعياً جديداً على Snapchat يستعرض أفضل 10 ألعاب خلال الأسبوع السابق". ومن المثير للاهتمام أن الصفقة تتضمن أيضاً التزاماً من الرابطة بإنتاج "ما لا يقل عن 15 خبراً موجزاً في الموسم الواحد يشمل مقاطع فيديو وصوراً مأخوذة مما نشره الجمهور على Snapchat".

وفي عام 2017، كشفت شركة Sports Innovation Lab - وهي شركة خدمات قائمة على التكنولوجيا - أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) وشركة Fox وفيسبوك أبرمت اتفاقاً لبث دوري أبطال أوروبا عبر منصاتها الخاصة. وأدى ذلك إلى تفاعل 34 مليون مستخدم على فيبسوك 98 مليون مرة مع منشورات دوري الأبطال. وبالمثل، اتفقت خدمة البث الأولمبيات مع شركة Intel في عام 2018 لالتقاط أكثر من 50 ساعة من اللقطات الرياضية باستخدام البيئة الافتراضية.

عندما يتداخل العالمان الافتراضي والحقيقي

يقوم عدد متزايد من المؤسسات الرياضية بتجربة الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) لتحسين أداء اللاعب وتزويد المشجعين بتجربة مشاهدة أقوى وغامرة أكثر مع تزويده بزوايا عرض جديدة وغير مسبوقة للألعاب الرياضية. وتجلب هذه التقنيات الملعب الرياضي إلى المشجعين دون أن يغادروا راحة منازلهم. فعلى سبيل المثال، أبرمت الرابطة الوطنية لكرة القدم (NFL) اتفاقاً مع شركة Oculus Rift من أجل جعل المشجعين في قلب الحدث الرياضي. وتوفر هيئات البث عبر الواقع الافتراضي مثل NextVR للمشجعين مجموعة من البرامج الرياضية الغامرة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي. وتدمج هيئات البث التقليدية مثل BBC وNBC مكونات الواقع الافتراضي في تغطيتها للأحداث الرياضية البارزة.

وفي عام 2018، أعلن فريق McLaren Formula One إبرام اتفاق مع شركة HTC لتزويد 100 مليون مشجع حول العالم "بمحتوى جديد قائم على الواقع الافتراضي وأجهزة جديدة وأحداث رياضة إلكترونية لجعل سباق McLaren غامراً أكثر". وتتعاون الأندية الكبرى مثل نادي برشلونة وريال مدريد في إسبانيا وأرسنال وليفربول ومانشستر سيتي في المملكة المتحدة، والبطولات مثل دوري كرة السلة ودوري كرة القدم في الولايات المتحدة، مع شركة Intel لإطلاق تقنية Intel® True VR. وينطوي ذلك على تثبيت أجهزة عالية الدقة "لتحليل البيانات" في مواقع رئيسية حول الساحات والملاعب لتمكين المشجعين من مشاهدة "الإعادات واللقطات البارزة وزوايا جديدة لأفضل لحظات المباريات". وبذلك، إذا لم تتمكنوا من الحصول على تذكرة لمباراة اليوم، يمكنكم متابعة المباراة عن بعد كما لو كنتم موجودين.

وبالمثل، استحدثت البطولات الأوروبية لعام 2018 في برلين وغلاسكو والاتحاد الأوروبي للبث وفرعه التجاري Eurovision Media Services مجموعة من الأدوات والخدمات الجديدة لهيئات البث الأعضاء فيها من أجل إتاحة تجربة مخصصة قائمة على الواقع الافتراضي لتعزيز مشاركة المشجعين.

وتطبَّق تقنيات الواقع المعزز (AR) أيضاً بطرائق جديدة ومثيرة للاهتمام من أجل إثارة اهتمام المشجعين وإثراء تجربتهم. وتجمع هذه التقنيات بين العالمين الافتراضي والحقيقي بتزويد المشجعين بمجموعة متنوعة من خيارات الترفيه (عن طريق توفير معلومات عن المرافق داخل الملاعب الرياضية وعرض البيانات الرياضية بأنساق ثلاثية الأبعاد) من أجل تعزيز المشاركة في الحدث الرياضي وتحفيز الإثارة حوله.

التصاميم

تواكب المستجدات التصميمية والجمالية عادةً التطورات التكنولوجية القائمة على استخدام مواد جديدة. إذ تتميز التصاميم بتأثير بعيد المدى في عالم الرياضة. ففي السوق الرياضية الشديدة التنافس، تساهم التصاميم في إبراز الهوية المتميزة للمسابقات الرياضية والفرق ومعداتها الرياضية.

وفضلاً عن ذلك، تزيد التصاميم من جاذبية المنتج والحدث الرياضي بالنسبة للمستهلكين وتؤدي دوراً محورياً في إضفاء قيمة تجارية على المنتج أو الحدث وجعله أكثر قابلية للتسويق. ولا شك في أننا على استعداد لدفع مبلغ إضافي بسيط مقابل تصميم يدل على أسلوب وطريقة حياتنا. ويمكن للشركات حماية استثماراتها في استحداث التصاميم الجذابة عن طريق الحصول على حقوق تصاميم صناعية أو براءات تصاميم.

تؤدي التصاميم دوراً رئيسياً في ضمان إبراز المنتجات في السوق وتمييزها عن غيرها فوراً. وتجمع أحذية Puma الأنيقة الجديدة ذاتية الربط والمزودة بتقنية Fit Intelligence بفعالية بين التصميم والتكنولوجيا الذكية وتمكِّن الرياضيين من ضبط أحذيتهم أثناء التنقل. الصورة: Puma.

العلامات التجارية والتوسيم

إن تنظيم حدث رياضي عملية مكلفة. وإن الاستخدام الاستراتيجي للعلامات التجارية - وهو حق من حقوق الملكية الفكرية يمكّن الشركات من بناء سمعتها والتميز عن المنافسين في السوق - يمكن أن يفضي إلى إيرادات كبيرة تغطي تكاليف تنظيم هذه الأحداث.

والعلامة التجارية هي علامة قادرة على تمييز السلع أو الخدمات الخاصة بكيان ما عن سائر الكيانات الأخرى. والعلامات التجارية أدوات تسويقية قوية لا غنى عنها. وفي عالم الرياضة، يتيح استخدامها الاستراتيجي فرصاً تجارية كبيرة لتحقيق الإيرادات.

ويرتبط عشاق الرياضة بعلاقة عاطفية عميقة مع الفرق والبطولات والمسابقات التي يتابعونها. وعلى سبيل المثال، تعمل الأندية الرياضية مثل مانشستر يونايتد على الاستفادة من علامتها التجارية وولاء مشجعيها في زيادة إيرادات النادي وأرباحه عن طريق صفقات الرعاية ووسائل الإعلام الرقمية الجديدة والمحتويات الجديدة. ومن عام 2015 إلى عام 2017، سجَّل النادي معدل نمو سنوي مركب في إيرادات الرعاية بلغ 4.6 بالمئة.

وتقوم صفقات الرعاية الرياضية على حقوق العلامات التجارية ويمكن أن تكون مربحة للغاية. وإدراكاً لجاذبية الرياضة وإمكاناتها العالمية كمنصة للتسويق، تتجه الشركات في العديد من القطاعات نحو الرياضة لإزكاء وعي المستهلكين بشأن منتجاتهم وزيادة المبيعات والتميز في السوق المزدحمة والشديدة التنافسية.

وتتجلى قيمة الرعاية الرياضية بوضوح في الألعاب الأولمبية. إذ بات برنامج الشركاء الأولمبيين "من أكثر منصات التسويق الدولية الفعالة في العالم". ووفقاً للجنة الأولمبية الدولية، تحقق هذه الشراكات التجارية أكثر من 40 بالمئة من إيرادات الألعاب الأولمبية وتضمن أن ينتفع منظمو الألعاب الأولمبية بالخدمات والمنتجات الفنية اللازمة لضمان سير هذا الحفل العالمي للرياضة بسلاسة. وفي إطار البرنامج، يستفيد كل شريك أولمبي حول العالم من "حقوق وفرص تسويقية عالمية حصرية ضمن فئة معيَّنة من المنتجات أو الخدمات". وتوزَّع الإيرادات المتأتية من برنامج الشركاء الأولمبيين وغيره من برامج التسويق الأولمبية على "الحركة الأولمبية بأكملها" من أجل النهوض بالرياضة عامةً فضلاً عن "توفير دعم مالي للرياضة في الدول الناشئة".

إن التمائم من أقوى الأصول في الألعاب الأولمبية حيث تعمل على الترويج للحدث وتحفيز الإثارة حوله. في الأعلى: تميمة الألعاب الأولمبية الشتوية الكورية Soohorang وتميمة الألعاب الأولمبية الشتوية للمعاقين، Bandabi، خلال المؤتمر الصحفي الرسمي المعقود في غانغوون-دو في 30 نوفمبر 2017.

وتستخدم العديد من المنظمات الرياضية أيضاً علامتها التجارية وحقوق الملكية الفكرية الأخرى لزيادة قيمة أدوات التوسيم الخاصة بها من خلال ترخيصها لأطراف أخرى لإنتاج بضائع كالملابس والإكسسوارات والأحذية وغيرها. وعلى سبيل المثال، أبرم نادي مانشستر يونايتد اتفاقاً مدته 10 سنوات مع شركة Adidas (ينتهي في يوليو 2025) بشأن الرعاية الفنية العالمية وحقوق ترخيص العلامة التجارية المزدوجة. وأفاد النادي بأنه يعتزم توسيع محفظته من مرخصي المنتجات لزيادة مجموعة المنتجات المتاحة للمشجعين. وإن التحالفات التسويقية الاستراتيجية القائمة الآن بين المؤسسات الرياضية وشركات الملابس الكبرى مثل Adidas وNike وPuma وUnder Armour وغيرها تعني أن النوادي والبطولات الرياضية أصبحت الآن علامات تجارية عالمية معاصرة تقرِّب المستهلكين من الصورة التي تعكسها الرياضة والقيم التي تنهض بها.

تُنتج مجموعة واسعة من المنتجات أو البضائع الرسمية التي تحمل شعار الحدث الرياضي، مثل الملصقات والأكواب وسلاسل المفاتيح والملابس الرياضية والكرات وغيرها، بموجب ترخيص مُنح للمرخص لهم رسمياً عن حدث ما. وتساعد هذه المنتجات على تحفيز الإثارة حول الأحداث الرياضية الكبرى وربط الجماهير بها. وهنا نرى متجراً للمشجعين مزوداً بمنتجات رسمية في سانت بطرسبرغ بروسيا خلال كأس العالم لكرة القدم لعام 2018. الصورة: Yulia Koltyrina / Alamy Stock Photo.

وقد نزل كبار الرياضيين هذا الملعب الجديد. إذ يستفيد الكثيرون من علاماتهم التجارية الشخصية (المبنية على نجاحهم الرياضي) لتحقيق إيرادات كبيرة من خلال عقود دعاية مع الشركات الرئيسية للملابس الرياضية وغيرها. وإقراراً بالإمكانات التسويقية الكبيرة لهؤلاء النجوم، تدفع الشركات أحياناً ملايين الدولارات للشخصيات الرياضية البارزة (وغيرها) لترويج منتجاتها. وتُطلق بعض الشركات مجموعات منتجات تحمل أسماء الرياضيين. وهذا ما فعلته شركة Nike عندما أطلقت سلسلة منتجاتها لنجمَي كرة السلة مايكل جوردان وليبرون جيمس. وقد استفاد عدد لا يحصى من الرياضيين في العديد من الرياضات الأخرى، مثل لويس هاميلتون (فورمولا وان) وديفيد بيكهام (كرة القدم) وروري ماكلروي (الغولف) وليندسي فون (التزلج على التلال) وماريا شارابوفا (كرة المضرب)، من هذه الاتفاقات.

تعتمد المنظمات الرياضية على هيئات البث لنقل تغطية أحداثها وإشراك المشجعين من جميع أنحاء العالم وجذب الجهات الراعية. وإن حق المؤلف والحقوق المجاورة، ولا سيما الحقوق الخاصة بهيئات البث، تدعم العلاقة بين الرياضة والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى. وعلى الرغم من أن تلك الأحداث الرياضية لا تكون مؤهلة عادةً لحماية حق المؤلف، فإن شركات الإعلام تدفع مبالغ مالية ضخمة مقابل الحق الاستئثاري على بث الأحداث الرياضية الكبرى مباشرة. إذ تجذب هذه الأحداث الملايين من المشجعين المتحمسين لتذوق الإثارة التي تتخلل المسابقات الرياضية.

وأصبح بيع حقوق البث والإعلام، التي ارتفعت قيمتها في السنوات الأخيرة، أكبر مصدر دخل لمعظم المنظمات الرياضية. وتعوض مبيعات تلك الحقوق تكلفة تمويل الأحداث الرياضية الكبرى وتجديد الملاعب وتساهم أيضاً في توسيع القاعدة الشعبية للرياضة.

وبلغت إيرادات البث المتأتية من دورة الألعاب الأولمبية في ريو لعام 2016 مثلاً 2.868 مليار دولار أمريكي، وتُستثمر 90 بالمئة من الأموال التي جمعتها اللجنة الأولمبية الدولية من خلال صفقات الرعاية وبيع حقوق البث في تنمية الرياضة على مستوى العالم.

وإن الإتاوات التي تحصِّلها هيئات البث من بيع لقطاتها الحصرية إلى وسائل الإعلام الأخرى تمكنها من الاستثمار في التكنولوجيات والوسائل اللوجستية التي يحتاجها بث الأحداث لملايين المشجعين في جميع أنحاء العالم.

أدى التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى إحداث تحول في البث الرياضي، إذ مكّن المذيعين من التقاط أكبر عدد ممكن من اللقطات من جميع الزوايا. واليوم، أصبحت الكاميرات الثابتة والطائرات بدون طيار والكاميرات الجوية أفضل أعوان لهيئات البث. ويقوم الفنيون هنا بضبط كاميرا جوية قبل بطولة العالم لألعاب القوى في لندن لعام 2017. الصورة: Paul Davey / Alamy Live News.

وتحمي حقوق هيئات البث التكاليف الباهظة المرتبطة ببث الأحداث الرياضية، وتعترف بالجهود التي تبذلها هيئات البث ومدى إسهامها في نشر المعلومات والثقافة وتكافئها على ذلك.

وتستفيد هيئات البث من التطور السريع للوسائط الرقمية في الوصول إلى الجماهير والتفاعل معهم بتوفير تغطية رياضية بأشكال متنوعة وعبر منصات مختلفة. ويتطور عالم الوسائط الرياضية سريعاً مع ظهور مشغلات الوسائط غير التقليدية الجديدة مثل منصتَي البث beIN sports وFirstRow. وقد أحدث ذلك تغيراً جذرياً في طبيعة القائمين على إنشاء المحتويات والقائمين على توزيعها، وساهم في زيادة حجم قرصنة إشارات البث زيادة كبيرة. وإن ظهور هذه الخدمات الجديدة يتيح للمشجعين مجموعة أوسع من خيارات المشاهدة ويحفز المنافسة على حقوق توزيع المحتويات الرياضية.

تغير التكنولوجيا أيضاً الطريقة التي يستهلك بها المشجعون الأحداث الرياضية. واليوم، يمكن لعشاق الرياضة في جميع أنحاء العالم أن يشاهدوا الأحداث الرياضية في أي مكان وزمان باستخدام أجهزة متعددة. الصورة:

الرياضة والملكية الفكرية والتنمية

ينطوي الاستخدام الاستراتيجي لحقوق الملكية الفكرية في الألعاب الرياضية العالمية على إمكانات كبيرة لدعم التنمية الاقتصادية بطرق متنوعة منها ما يلي:

  • تحقيق إيرادات من مبيعات السلع والخدمات الرياضية؛
  • دعم الابتكار والتنمية التجارية والأعمال وفرص العمل؛
  • الارتقاء بسمعة البلد وتعزيز المكاسب المتأتية من صرف العملات الأجنبية؛
  • تعزيز التجارة الدولية؛
  • تجاوز الاختلافات الوطنية والنهوض بالقيم العالمية للعب النظيف والاحترام المتبادل والصداقة؛
  • تحسين الصحة والرفاه الاجتماعي والتلاحم المجتمعي وتشجيع الانضباط والعمل الجماعي وروح المنافسة.

ويمكن لتنظيم الأحداث الرياضية، سواء على المستوى الشعبي أو الوطني أو الدولي، إثراء النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات المحلية، مما يجعلها مواقع أكثر جاذبية للمستثمرين والسياح. ومع ذلك، فإن تجارة الرياضة تتطلب إطاراً قانونياً محكماً لدعم استغلال حقوق الملكية الفكرية وتداولها فضلاً عن إعداد قوة عاملة مدرَّبة جيداً لتهيئة بيئة سياسية وتنظيمية مؤاتية وإدارة المسائل التشغيلية واللوجستية المرتبطة بتنظيم الأحداث الرياضية.

وإقراراً بما تنطوي عليه الملكية الفكرية والرياضة من إمكانات هائلة لدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فإن العديد من البلدان تدمج الآن الأهداف المتعلقة بالملكية الفكرية والرياضة في استراتيجياتها الإنمائية الوطنية. وإذ تصبح البلدان مواقع جذابة للأحداث الرياضية الرئيسية من خلال دعم تطوير قطاع رياضي مزدهر ومستدام، فإنها تسعى إلى إتاحة فرص إضافية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولتوليد الثروة.

تنطوي كرة القدم، بوصفها الرياضة الأكثر شعبية في العالم، على إمكانات هائلة لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ونرى هنا أطفالاً يلعبون كرة القدم في شارع بوسط قرية كابوروغانا في كولومبيا. الصورة: hanohikirf / Alamy Stock Photoة

الملكية الفكرية والرياضة: دور الويبو

تدعم الويبو هذه المساعي، وتقدِّم - بناء على طلب الدول الأعضاء - المشورة إلى الحكومات وواضعي السياسات بشأن كيفية دمج الأهداف المتعلقة بالملكية الفكرية والرياضة في خطط التنمية الوطنية. ومن خلال مجموعة من الأنشطة، تعمل الويبو مع شركائها على إزكاء الوعي بأهمية الملكية الفكرية للمنظومة الرياضية داخل البلد. وتركز الندوات والبرامج التدريبية على تنمية المهارات والمعارف البشرية والمؤسسية لدعم الأعمال الرياضية في الدول الأعضاء بغية تحفيز الابتكار ودعم نمو الأعمال والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ويعدّ دعم تهيئة بيئة تنظيمية تمكينية للملكية الفكرية جزءاً مهماً من هذه الأنشطة. ويشمل ذلك إذكاء الاحترام لحقوق الملكية الفكرية وإسداء المشورة بشأن طرق معالجة انتهاكات حقوق الملكية الفكرية أو سوء استخدامها. وتقوض هذه الانتهاكات قدرة منظمي الأحداث الرياضية على جذب الجهات الراعية وتقلل الفوائد المتأتية من استضافة الأحداث الرياضية الكبرى.

وإن هذه الأنشطة الرامية إلى تكوين الكفاءات تتكيف مع السياق الاجتماعي والثقافي المحدد لكل بلد. وتشارك فيها جهات عديدة منها الحكومات والهيئات العامة وموظفو إنفاذ القانون وأعضاء الجهاز القضائي والممارسون القانونيون والوكلاء الرياضيون والرياضيون والأندية والاتحادات الرياضية ومنظمو الأحداث والجهات المانحة والجهات الراعية ومصنعو السلع الرياضية والتلفزيون والشركات الإعلامية.

وتتكون المنظومة الرياضية العالمية من شبكة معقدة من اللاعبين والعلاقات التجارية القائمة على حقوق الملكية الفكرية. وقد أتاح الاستخدام الاستراتيجي لتلك الحقوق النمو السريع لقطاع الرياضة العالمي وسيستمر في أداء دور محوري في تطوير الرياضة في المستقبل في ظل بيئة سريعة التطور وقائمة على التكنولوجيا. ويوفر التركيز على الملكية الفكرية والرياضة فرصاً كبيرة لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لجميع الدول.