أفريقيا: شحذ مهارات المهنيين المتخصصين في مجال البراءات
19 ديسمبر 2023
يقول مثل أفريقي شهير: "إذا أردت أن تصل بسرعة، سر وحيداً، وإذا أردت أن تذهب بعيداً، سر في مجموعة"، وقد يكون هذا المثل أفضل طريقة لوصف الأسبوع الذي قضاه المتخصصون في البراءات الأفريقيون معاً في هراري، ضمن حلقة عمل لصقل مهاراتهم في صياغة البراءات. وكانت حلقة العمل، وهي المرحلة الأولى من برنامج التدريب على صياغة البراءات لفائدة الدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية الأفريقية للملكية الفكرية والدول المراقبة، تهدف ببساطة إلى تزويد المهنيين العاملين في مجال البراءات في المنطقة بمهارات الصياغة اللازمة لدعم النظم الإيكولوجية للابتكار في بلدانهم. وقد شارك في تنظيم حلقة العمل الويبو والمنظمة الإقليمية الأفريقية للملكية الفكرية، بدعم مالي من الصناديق الاستئمانية اليابانية للملكية الصناعية العالمية، وانعقدت حلقة العمل في مقر المنظمة الإقليمية الأفريقية للملكية الفكرية في هراري من 11 إلى 15 سبتمبر 2023.
يشكل نقص الخبرة في المنطقة عاملاً مساهماً في انخفاض عدد البراءات التي تُمنح في أفريقيا مقارنة بالمناطق الأخرى. إذ تبلغ حصة أفريقيا من طلبات البراءات المقدمة 1 في المائة من مجموع الطلبات العالمية، وذلك وفقا لمؤشرات الويبو العالمية للملكية الفكرية. ويهدف هذا البرنامج إلى زيادة مشاركة المبتكرين الأفارقة في نظام البراءات، عن طريق تدريب يستهدف مختلف الجهات الفاعلة في النظام الإيكولوجي للابتكار. واختير المشاركون من مكاتب نقل التكنولوجيا ومؤسسات البحث ومكاتب البراءات. وكانت الحصيلة 26 مشاركا جاؤوا من 21 دولة هي: أنغولا، بوتسوانا، بوروندي، الرأس الأخضر، إسواتيني. غانا، كينيا، ليبريا، ملاوي، موريشيوس موزامبيق، ناميبيا، نيجيريا، رواندا، سان تومي وبرينسيبي، سيراليون، الصومال، تنزانيا، غامبيا، أوغندا وزيمبابوي.
التركيز على الجانب العملي
برنامج التدريب على صياغة البراءات هو نتيجة للتعاون بين الويبو والمنظمة الإقليمية للملكية الفكرية. وقاد هذه النسخة الرابعة محامو براءات محنكون من اليابان والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، وذلك لإضفاء منظور دولي على التدريب. واتبعت حلقة العمل نهجا شاملاً في التدريب على الصياغة، بدءا من المتطلبات القانونية والتعديل الدقيق للمطالبات وصولاً إلى صياغة طلبات البراءات ذات قيمة تجارية. واستكشفت حلقة العمل تحسين جودة المطالبات في مختلف المجالات التقنية، ودعم المشاركين الذين يبتكرون الاختراعات في مجالات الهندسة والكيمياء وعلوم المواد والتكنولوجيا الحيوية.
ليست صياغة البراءات مهمة هينة. فالمرء يحتاج إلى فهم القانون والتكنولوجيا للتمكن من ذلك. وينبغي أن يتقن أفضل صائغي البراءات فن التواصل أيضا ليعبروا عن الاختراع بعبارات واضحة وموجزة. ولصقل هذه المهارات، استخدمت حلقة العمل الأشياء اليومية كأمثلة من قبيل المصافي والملعقة-المشوك. وبدأ كل يوم من أيام حلقة العمل بجلسة تفاعلية بشأن أساسيات صياغة البراءات تلتها تمارين عملية هدفها تحدي المشاركين. وفي نهاية المطاف، ركزت حلقة العمل على بناء معرفة تأسيسية قوية عما ينبغي أن تبدو عليه مطالبة بالبراءات جيدة الصياغة.
ووفقاً للمشاركين، حفزت التدريبات العملية المشاركة بشكل خاص. وقالت السيدة ليندا أمانيا، مسؤولة نقل التكنولوجيا في المجلس الوطني الأوغندي للعلوم والتكنولوجيا "كان العنصر الأكثر إفادةً بالنسبة لي هو جلسات الصياغة العملية".
التعلم عن طريق الممارسة
كما قال جون ماكسويل: "تحقيق الأحلام يتطلب عملاً جماعياً". وعمل المشاركون في مجموعات صغيرة على إنجاز تمارين الصياغة العملية. وقد قاموا بتفكيك مزيلات الدبابيس ونظروا إليها من خلال عدسة جديدة ووصفوها من الناحية الفنية. وبعد كل تمرين، قدموا أعمالهم ليعلق عليها المدربون وأقرانهم. وقالت السيدة أوتلهابيل ديناكينيان، مديرة نقل التكنولوجيا بالإنابة في جامعة بوتسوانا الدولية للعلوم والتكنولوجيا: "لقد تعلمت الكثير من خلال مناقشات التمارين والملاحظات التي تلقيناها من كل من المدربين والمشاركين الآخرين". وأتاحت البيئة التعاونية المجال للتبادل القيم للأفكار والنقد البناء الذي مكن المشاركين من تحسين معارفهم ومهاراتهم.
أكد المدربون على المشاركين بأن براءة جيدة الصياغة لا ينبغي أن تحمي الاختراع فحسب، بل يجب أن تمكن المتخصصين في مجال الاختراع من فهم كيفية طريقة عمل المنتوج فهماً كاملاً. وقال السيد بنسون بايتورو، فاحص براءات لدى المعهد الكيني للملكية الصناعية مؤيدا: "كان النظر في صياغة المطالبات أكثر ما أفادني في حلقة العمل لأنه سيمكنني من فهم المطالبات بشكل صحيح أثناء فحصي لها". ومن شأن هذه المهارات أن تحسن التواصل بين طالبي البراءات والفاحصين، وأن تحسن في نهاية المطاف جودة الأصول التي تنشأ عن المطالبات.
وفي اليوم الأخير من حلقة العمل، قام المشاركون بدراسات حالات أدت فيها البراءات إلى عملية نقل التكنولوجيا. وعزز هذا كيفية تطبيقهم لما تعلموه على مدار الأسبوع بعد عودتهم إلى بلدانهم. وقال السيد إيراستو شيمو مليوكا، مدير إدارة ونقل التكنولوجيا في لجنة تنزانيا للعلوم والتكنولوجيا: "كانت أمثلة دراسة الحالة بشأن نقل الملكية الفكرية والتكنولوجيا التي اطلعنا عليها مفيدة للغاية في أنشطتي اليومية. من المهم تشجيع المؤسسات الأكاديمية والبحثية على حماية ابتكاراتها حتى تتمكن من نقل التكنولوجيا بشكل صحيح، جذب التمويل والتعاون".
رحلة من التعلم
لقد أثبتت حلقة العمل بشأن صياغة البراءات دورها في تمكين المهنيين العاملين في مجال البراءات من اكتساب المعارف والمهارات الأساسية. واستمر التدريب عن طريق جلسة توجيهية عبر الإنترنت دامت ستة أسابيع. وخلال هذه الفترة، عمل المشاركون فرادى على تمارين الصياغة وتلقوا تعليقات من المدربين. ويساهم هذا النهج العملي في تعزيز المعارف والمهارات التي اكتسبها المشاركون خلال حلقة العمل. وفي نهاية كل تمرين، انعقدت جلسة جماعية لتبادل التعليقات بقيادة المدربين، قدمت مزيدا من الإرشاد بشأن التمرين فضلاً عن نصائح للصياغة.
وبالنسبة للعديد من المشاركين، كانت هذه الخطوة الأولى في رحلة أطول نحو بناء النظم الإيكولوجية للابتكار. وتعمل برامج الويبو لصياغة البراءات على شحذ المهارات اللازمة لتحويل الأفكار إلى أصول تجارية. وهذا أمر من الأهمية بمكان لتفجير القدرات الكامنة للابتكار الأفريقي للمساهمة في الاقتصادات المحلية وتحسين الحياة. وإن دل هذا البرنامج على شيء، فهو أن المستقبل مشرق.
هل ترغبون في معرفة المزيد عن برامج الويبو لصياغة البراءات؟
تقدم الويبو نوعين من البرامج التدريبية: حلقات عمل بشأن صياغة البراءات في الدول الأعضاء (على الصعيدين الوطني والإقليمي) وبرنامج الويبو الدولي للتدريب على صياغة البراءات. لمعرفة المزيد