Mon Apr 25 09:47:00 CEST 2022
إن اليوم العالمي لمكافحة الملاريا 2022 (#WorldMalariaDay2022) الذي يُحتفل به تحت شعار "تسخير الابتكار لتخفيف عبء الملاريا وإنقاذ الأرواح" يُعيد التركيز على الابتكار والمساعي الجديدة في مجالي البحث والتطوير، كعوامل جوهرية من أجل القضاء على الملاريا، وفي الوقت عينه تفادي الممارسات التي تشجع على مقاومة الأدوية.
قالت أنيتا روديك ذات مرة، وهي مؤسسة شركة "The Body Shop" الشهيرة للمستحضرات التجميلية والرعاية بالبشرة: "إذا كنت تعتقد أنك أصغر من أن تحدث أثراً، عليك محاولة النوم داخل غرفة فيها بعوضة". ومع أنها لم تكن تقصد الملاريا في حديثها، فقد ينطبق كلامها على ذلك المرض بكل سهولة. والملاريا هو مرض طفيلي ينتقل عن طريق البعوض الذي يحمله. ونظراً إلى أن الأعراض التي يسببها، على غرار الصداع، وأوجاع الجسم، والغثيان، والإسهال، ليست ذات طابع خاص به، يكون من الصعب تحديده بشكل دقيق خلال التشخيص السريري، لا سيما في المناطق الفقيرة. ووفقاً لتقرير "الملاريا في العالم" الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية في عام 2021، سُجلت 241 مليون حالة جديدة للإصابة بالملاريا في عام 2020 و627,000 مليون حالة وفاة ناجمة عن هذا المرض في جميع أنحاء العالم.
وتنتشر عدوى المرض في المناطق المدارية وشبه المدارية في أفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية. ولا تزال أفريقيا تسجّل نسبة كاسحة من الإصابات بالملاريا على الصعيد العالمي. وفي عام 2020، وصلت نسبة الإصابات في أفريقيا إلى 95% من مجموع الإصابات بالملاريا وبلغت نسبة الوفيات 96% من المجموع العالمي، حيث شكّلت فئة الأطفال تحت سن الخامسة ما يقارب 80% من مجموع ضحايا الملاريا في المنطقة. ومع أن التقدّم العالمي الرامي إلى خفض عدد الإصابات قد وصل في الآونة الأخيرة إلى مرحلة ركود، فإن المخططات والاستثمارات الابتكارية في مجال العلاجات الجديدة قد ساعدت على تفادي 1.7 مليار حالة من حالات الملاريا وأنقذت حياة 10 ملايين شخص منذ بداية الألفية الجديدة.
في أكتوبر 2015، حازت الباحثة الصينية تو يويو على جائزة نوبل في الطب لاكتشافها مركّب الأرتيميسينين في عام 1971، كجزء من مشروع مموّل من الحكومة الصينية. وبعد أن حصل المركّب على تأييد منظمة الصحة العالمية، أصبحت العلاجات بالمركبات المستندة إلى مادة الأرتيميسينين تمثّل العلاج المفضّل للملاريا، فبات يعود إليها الفضل إلى حد كبير في خفض حالات الوفاة الناجمة عن الملاريا عالمياً بمقدار النصف، ويُعزى لها الدور الرئيسي في إنقاذ حياة آلاف من الناس في عام 2001.
وفي عام 2004، قدّم الخبير الاقتصادي الحاصل على جائزة نوبل، كينيث آرو، اقتراح استراتيجية مبتكرة من شأنها إعادة بلورة معالم السوق بهدف زيادة فرص النفاذ إلى العلاجات بالمركبات المستندة إلى مادة الأرتيميسينين وتقليص تكلفتها إلى حد كبير في البلدان الفقيرة. وفي عام 2009، قام الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا بتنفيذ تلك الاستراتيجية بالتعاون مع الأوساط الدولية المعنية بمكافحة الملاريا، بما في ذلك القطاع الخاص. وتُعرف المبادرة باسم مرفق توفير أدوية الملاريا بأسعار ميسورة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وكمبوديا. وبالإضافة إلى خفض تكلفة العلاجات بالمركبات المستندة إلى مادة الأرتيميسينين، قام هذا البرنامج الابتكاري المخصص للإعانات بدعم تلك العلاجات في سعيها إلى الحصول على حصة في السوق لتحلّ محلّ العلاجات الأخرى المضادة للملاريا التي تتاح بتكلفة أدنى ولكنها تُعدّ أقل فعالية (مثل كلوركين وسلفادوكسين بيريميثامين).
أما الابتكار الطبي الأحدث في مجال مكافحة الملاريا فكان في أكتوبر 2021، حين حصل لقاح RTS,S المضاد للملاريا الذي أنتجته شركة غلاكسو سميث كلاين على دعم غير مسبوق من منظمة الصحة العالمية. ولم تلك المرة الأولى التي يصدر فيها لقاح فعّال مضاد للملاريا فحسب، بل كانت المرة الأولى التي يصدر فيها لقاح مضاد لأي مرض من الأمراض الطفيلية. ورحّب المدير العام للويبو السيد دارين تانغ بهذا التقدم العلمي خلال العام الماضي.
وعلى الرغم من التقدم المحرز في مجال الوقاية من الملاريا، ازدادت صعوبة علاج المرضى المصابين بنوع عالي الخطورة من مرض الملاريا لأن المرض يبدو أكثر مقاومة للعلاجات بالمركبات المستندة إلى مادة الأرتيميسينين، وهي العلاجات الأكثر فعالية في الوقت الراهن.
وحين تكون حياة الناس وسبل عيشهم على المحك، فإن الابتكار الطبي لا تسع له الراحة، لا سيما أن فئة الأولاد هي الأكثر تضرراً في البلدان النامية. وليس بإمكان أي أداة أو ابتكار حلّ المشكلة فرادى. فثمة حاجة إلى نهج جماعي، بما في ذلك نهج الوقاية (الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية، والرش الموضعي للأماكن المغلقة، ومكافحة ناقلات الأمراض)، والتشخيص الدقيق في الوقت المناسب، وتوافر العلاجات المعيارية لأنواع الملاريا العالية الخطورة. وفيما تحتفل الأوساط الدولية المعنية بمكافحة الملاريا باليوم العالمي لمكافحة الملاريا (#WorldMalariaDay2022)، يستمر الابتكار الطبي بالبحث عن سبل لينتصر في إنقاذ الأرواح.