أثر قانون الشركات الناشئة النيجيري على الابتكار
Thu Mar 14 10:55:00 CET 2024
في أكتوبر 2022، اتخذت نيجيريا خطوة مهمة نحو تعزيز قطاع الابتكار والتكنولوجيا عن طريق سنّ قانون الشركات الناشئة النيجيري. ومن الممكن أن يحدِث هذا القانون فارقاً كبيراً في المشهد الرقمي للبلد الأفريقي الأكثر كثافة بالسكان، ويكمن الهدف من ذلك في جعل نيجيريا جهة فاعلة رئيسية في قطاع الابتكار والتكنولوجيا الأفريقي. ويهدف هذا القانون، في أساسه، إلى إنشاء الحوافز المناسبة والنظام الإيكولوجي المناسب للشركات الناشئة لكي تبتكر وتنمو.
السمات الرئيسية لقانون الشركات الناشئة النيجري
بموجب قانون الشركات الناشئة النيجيري، يمكن الاعتراف رسمياً بالشركات بصفتها "شركات ناشئة" من خلال عملية للتصديق، وهو ما يفتح الباب أمام فرص جديدة لروّاد الأعمال المحليين. وعلى سبيل المثال، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الحصول على "وسم الشركة الناشئة" من الوكالة الوطنية لتطوير تكنولوجيا المعلومات (المشار إليها فيما يلي باسم "الأمانة")، الذي يُعطى للشركات التي تستوفي شروطًا معينة. ولكي تكون الشركة مؤهلةً، يجب أن تكون الشركة كياناً ذا مسؤولية محدودة ومسجّلة بموجب قانون الشركات والمسائل المرتبطة بها لعام 2020، وتعمل منذ أقل من 10 سنوات، وتعكف بشكل أساسي على تطوير المنتجات أو العمليات في مجال التكنولوجيا الرقمية. وإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون لديها مؤسس أو شريك مؤسس نيجيري واحد على الأقل له حصة في أرباح الشركة أو إيراداتها. وتقتضي عملية التقديم للحصول على هذا الوسم تقديم الوثائق ودفع الرسوم اللازمة في بوابة الشركات الناشئة.
وعندما تستوفي الشركة الشروط كافة، تحصل على "وسم الشركة الناشئة"، الذي يبقى صالحاً لمدة 10 سنوات. ويحق للشركات التي حصلت على هذا الوسم أن تستفيد من الحوافز التي ينص عليها القانون، والتي تتراوح بين الإعفاء الضريبي والوصول إلى مرافق التصدير، والحصول على المِنح والقروض الحكومية، فضلاً عن حوافز المستثمرين في الشركات الناشئة الحاصلة على الوسم. وينص القانون أيضًا على إنشاء بوابة للشركات الناشئة تكون بمثابة مركزاً للتسجيل، وتبادل المعلومات، والتفاعل بين أصحاب المصلحة في النظام الإيكولوجي للشركات الناشئة. وللحفاظ على هذا الوسم، يتعين الالتزام بجميع القوانين التجارية الوطنية ذات الصلة، والإبلاغ بوتيرة منتظمة عن الجوانب المختلفة للشركة، وإمساك دفاتر مالية مناسبة لها.
ويُعد إنشاء المجلس الوطني للابتكار الرقمي وريادة الأعمال إحدى السمات البارزة للقانون. وفي ظل قيادة رئيس نيجيريا، يجمع هذا المجلس كبار المسؤولين الحكوميين وأصحاب المصلحة في القطاع. ويؤدي هذا المجلس دوراً أساسياً، فهو يحدد السياسات، ويكيّف القوانين الحالية مع احتياجات الشركات الناشئة، ويقدّم الدعم المالي لقطاع التكنولوجيا. وتتيح هذه التدابير دمج الجهود الحكومية في العالم الديناميكي للشركات الناشئة.
الملكية الفكرية
ويولي قانون الشركات الناشئة أيضًا أهمية استراتيجية لحقوق الملكية الفكرية، على النحو المنصوص عليه في المادة 31 من القانون، ويسلّط الضوء على الدور الأساسي لهذه الحقوق في مشهد ريادة الأعمال. وتُبذل جهود متضافرة من أجل تشجيع الشركات الناشئة على استغلال أصول الملكية الفكرية لديها، وتسويقها، وكذلك من أجل تسهيل توسّعها لتصل إلى الأسواق العالمية. وتتميّز هذه المبادرة بجهد تعاوني مع المؤسسات الرئيسية مثل هيئة حق المؤلف النيجيرية، وسجل العلامات التجارية والبراءات والتصاميم.
ويتجلّى أحد التطورات الملحوظة في إدراج قسم مخصّص لتسجيل الملكية الفكرية على بوابة الشركات الناشئة، الذي صُمّم خصيصاً للشركات الناشئة التي حصلت على الوسم المطلوب. وستكون مشاركة الأمانة مفيدة في مساعدة هذه الشركات الناشئة على دخول الأسواق العالمية، فهي تبسط من عملية التسجيل الدولي للعلامات التجارية والبراءات، وترشّدها. ولا يعمل هذا النهج المبسّط على تعزيز إطار تسجيل الملكية الفكرية وحمايتها فحسب، بل إنه يزيد أيضاً من الكفاءة التشغيلية لقطاع الشركات الناشئة النيجيري، وحضور هذا القطاع في السوق العالمية. وهذا التطور مهم نظراً إلى أن نيجيريا تبتعد عن اعتماد اقتصادها على النفط، إذ يساهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الآن بحوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (في الربع الثاني من عام 2023).
تسليط الضوء على التكنولوجيا
نقل التكنولوجيا هو مجال آخر يركز عليه القانون. وتسعى الأمانة، بالتعاون مع المكتب الوطني لاقتناء التكنولوجيات وتعزيزها، إلى تسهيل الأمر على الشركات الناشئة فيما يخص تسجيل عمليات نقل التكنولوجيا بسعر مخفّض. ويمكن أن يساعد هذا الإجراء في تحويل الأفكار المبتكرة إلى منتجات وخدمات قابلة للتسويق، وهو أمر ضروري في حد ذاته من أجل نمو الشركة الناشئة. ويسهّل القانون أيضاً من إجراءات الترخيص للشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية، ويهدف إلى إبقائها على علم باللوائح الجديدة. ويجري ذلك بالتعاون مع البنك المركزي النيجيري وهيئة الأوراق المالية والبورصة، ممّا يضمن بيئة تنظيمية تدعم نمو التكنولوجيا المالية.
ماذا تقول الشركات الناشئة العاملة في المجال الصحي عن قانون الشركات الناشئة النيجيري؟
سيتجلّى المقياس الحقيقي لنجاح قانون الأعمال الناشئة على كيفية تأثيره على تصورات النظام الإيكولوجي للشركات الناشئة وعملياتها. والسيدة كيميسولا بولارينوا، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة Nextwear Technologies، رائدة في مجال تكنولوجيا صحة المرأة في نيجيريا بوصفها قائدة لأول شركة ناشئة في نيجيريا على الإطلاق في قطاع التكنولوجيا القابلة للارتداء. ويمثل منتج حمالة الصدر الذكية الذي تصنعه شركة Nextwear Technologies، وهو جهاز محمول يعمل بالبطارية، ابتكارًا مهمًا للكشف المبكر عن سرطان الثدي ويجمع بين التكنولوجيا والالتزام العميق بصحة المرأة. وقد أجرت شعبة التحديات العالمية في الويبو مقابلة مع السيدة بولارينوا في إطار سلسلة الويبو "Mission Imagination" (الخيال في مَهمة).
وتقول السيدة بولارينوا إنها متفائلة بشكل عام بأن قانون الشركات الناشئة يمكن أن يلهم مبادرات الشركات الناشئة في جميع أنحاء البلاد، ممّا قد يؤدي إلى حدوث موجة أوسع من النمو التكنولوجي وريادة الأعمال في أفريقيا. وتقول إن هذا القانون يبدو أن لديه القدرة على استقطاب الاستثمار ورعاية الشركات الناشئة. وبحسب قولها، فإن إدراك هذا القانون على نطاق واسع يشهد على نجاح جهود الحكومة في تعزيز مداه. وتشير إلى الوعي بالملكية الفكرية وتقول ملاحظة: "نحن لا ندركها حقاً، ولا يدرك الحاجة إلى حماية الأفكار سوى عدد قليل من المبتكرين. وهذا النقص في الإلمام بالملكية الفكرية أمر لا يُستهان به. ولذلك، فإن هذا القانون سيحدِث فارقاً كبيراً. وسيساعد المبتكرين الذين ربما سمعوا عن الملكية الفكرية ولكنّهم لا يستوعبونها بشكل كامل، أو الأشخاص الذين لم يفكروا فيها على الإطلاق.
ومع ذلك، تسلّط السيدة بولارينوا الضوء على بعض الثغرات في هذا القانون. وتشير إلى الإدماج المحدود للشركات الناشئة العاملة في المجال الصحي، وتقول إنه قانون شامل لولا هذا القصور المحتمل. بيد أنها تقول أيضاً إن آراء شركات التكنولوجيا النيجيرية قد أُخذت بعين الاعتبار عند وضع هذا القانون. وتقول "إن هذا التعاون بين الحكومة والجهات الفاعلة الرئيسية يسلّط الضوء على وجود شراكة بالغة الأهمية من أجل رعاية النظام الإيكولوجي المزدهر للتكنولوجيا. وهو يوضّح وجود علاقة تكافلية تشكّل فيها رؤى القطاع جزءًا لا يتجزأ من العمليات التشريعية."
الخطوات التالية
يشكّل قانون الشركات الناشئة النيجيري خطوة كبيرة إلى الأمام في تشجيع الابتكار. ويمكن أن يساهم هذا التشريع في النهوض بالقطاع التكنولوجي في نيجيريا، وخاصة من خلال تسليط الضوء على الدور الأساسي لحقوق الملكية الفكرية، على نحو ما تبرزه عمليات المشاركة التي تؤديها الويبو. ويؤكّد قادة القطاع مثل السيدة كيميسولا بولارينوا على الأثر التحويلي المحتمل للقانون، لا سيما في تعزيز فهم حقوق الملكية الفكرية وتطبيقها في الشركات الناشئة العاملة في قطاعي الصحة والتكنولوجيا.