نظرة جديدة على الممتلكات الأولمبية
Tue Feb 06 10:45:50 CET 2018بقلم كارلوس كاسترو، رئيس شؤون حق المؤلف والمحتوى، اللجنة الأولمبية الدولية
الألعاب الأولمبية هي أكثر الأحداث شعبية في العالم، وتحظى بمعدّل متابعة مذهل. وفي فبراير، سيتابع مليارات المشاهدين حول العالم ثلاثة أسابيع من الفنون الرياضية الرائعة خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الثالثة والعشرون في بيونغشانغ، جمهورية كوريا. ومن 8 إلى 25 فبراير، ستنصب عيون العالم على الرموز المألوفة المرتبطة بدورة الألعاب الأولمبية.
ويصون نظام الملكية الفكرية هذه الرموز والطابع الفريد للألعاب الأولمبية، ويسهم في توليد الأموال اللازمة لتنظيم أحد أكبر الأحداث الرياضية في العالم وأكثرها تعقيدا. لذا، دعونا نستكشف السبيل والسبب.
ماهيّة الممتلكات الأولمبية
ينصّ ميثاق اللجنة الأولمبية على أنّ علم الألعاب الأولمبية وشعارها ونشيدها ورموزها وشعاراتها وشعلتها ومشاعلها وتسمياتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "الألعاب الأولمبية" و"الأولمبياد" هي ممتلكات أولمبية. ورغم الصيت الذائع للممتلكات المذكورة، تبقى الحلقات الأولمبية هي الأوسع شهرة، ويصل معدل التعرّف عليها إلى 93 في المئة.
وتشمل الممتلكات الأولمبية جميع الحقوق المتصلة بتنظيم الألعاب الأولمبية العريقة واستغلالها تجاريا وتسويقها. ومنها حق تصوير الألعاب وتسجيل لقطات سمعية بصرية تستخدمها وسائط الإعلام في منشوراتها أو برامجها الإذاعية أو منصاتها الإخبارية.
وحالها كحال كل إبداعات الفكر المعبّر عنها برموز وأسماء مميزة مستخدمة في التجارة، تتمتّع الممتلكات الأولمبية بأهلية الحماية كملكية فكرية بموجب القوانين الناظمة لحق المؤلف والعلامات التجارية والتصاميم الصناعية، التي ترسم مع البراءات ونماذج المنفعة والأسرار التجارية لوحة أصول الملكية الفكرية المتصلة بالألعاب الأولمبية.
وتملك اللجنة الأولمبية الدولية، حصريا، حقوق الملكية الفكرية الأولمبية وتتولى تسييرها، وتضطلع بدور رائد في تعزيز القيم الأولمبية وتوفير الدعم المادي لتنظيم الألعاب الأولمبية واستضافها.
أداة تمويل رئيسية
إنّ اللجنة الأولمبية الدولية وجميع منظمات الحركة الأولمبية (مثل اللجان الأولمبية الوطنية والاتحادات الرياضية الدولية واللجان المنظمة للألعاب الأولمبية) ممولة بالكامل من القطاع الخاص. وأصول الملكية الفكرية هي نواة مجموعة البرامج التي تديرها اللجنة لتوليد الإيرادات اللازمة لتمويل دورة الألعاب الأولمبية، وتشمل هذه المجموعة برامج لإدارة بيع الحقوق الإعلامية للألعاب الأوليمبية، وجذب الجهات الراعية الخاصة من خلال برنامج أفضل الرعاة على مستوى العالم، وتوليد إيرادات الترخيص من خلال برامج الموردين الرسميين للجنة الأولمبية الدولية وبرامج الترخيص.
وتوزع اللجنة تسعين في المائة من ثمرة عائدات هذه البرامج على المنظمات المشاركة لدعم تنظيم الألعاب الأولمبية وتعزيز التنمية العالمية للرياضة. ووفقا لما نص عليه الميثاق الأولمبي، تضطلع اللجنة بمسؤولية ضمان الاحتفال الدوري بالألعاب الأولمبية. وتقدّم مساهمات مالية كبيرة للجان المنظمة، وهذا التمويل هو جوهر نجاح الألعاب الأولمبية. فعلى سبيل المثال، تقدر مساهمات اللجنة في الألعاب الأولمبية في باريس 2024 بمبلغ 1.7 مليار دولار أمريكي. وتحتفظ اللجنة بنسبة 10 في المائة من الإيرادات لأغراض توليد هذه الموارد والبرامج وإدارتها، وتوزع منها حوالي 3.4 مليون دولار يوميا على الرياضيين والمنظمات الرياضية على اختلاف مستوياتها وفي شتى أنحاء العالم.
الممتلكات الأولمبية ووسائل الإعلام الرقمية
لا شكّ أنّ الألعاب الأولمبية هي أكثر الأحداث مشاهدة في العالم. وبفضل طيف واسع من الفرص، يتاح اليوم لعشاق الرياضة متابعة الأحداث الشيّقة لدورات الألعاب الأولمبية. إذ توفّر برامج البث التلفزيوني والمنصات الرقمية والاجتماعية وسائل عرض غير مسبوقة. وتدفع شركات الإعلام مبالغ كبيرة لقاء الحق الحصري في نقل الألعاب الأولمبية وبثّها، ويولّد بيع هذه الحقوق 47 في المائة من دخل اللجنة (الذي بلغ 4.157 مليون دولار أمريكي للفترة 2013-2016).
ولكن أنماط المتابعة تتغير بسرعة، واستخدام التكنولوجيا الرقمية أصبح عادة يومية لعدد متزايد من الناس، وخاصة الشباب. ويعزز انتشار الهواتف الذكية والإنترنت مشاهدة المحتوى الرياضي على مستوى العالم.
وقد تابع نصف سكان العالم دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو عام 2016، ووصل عدد المشاهدات عبر الإنترنت إلى 7.2 مليار مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي، أي ضعف ما حققته الألعاب الأولمبية في لندن 2012. ورأى مشاهدو ألعاب ريو 2016 محتوى تلفزيونيا فاق بنسبة 20 في المائة ما عرض في ألعاب لندن 2012. وبين الحدثين، ارتفعت التغطية التلفزيونية بنسبة 13.5 في المائة والتغطية الرقمية بنسبة مذهلة بلغت 198.6 في المائة، ويعود الفضل في ذلك إلى توزيع عدد قياسي من ساعات المحتوى بلغ 357000 ساعة من التغطية لألعاب ريو 2016 مقارنة بعدد 181523 ساعة محتوى لألعاب لندن 2012.
وفي ريو 2016، فاقت ساعات التغطية الرقمية 243000 ساعة، أي ضعف إجمالي ساعات التغطية التلفزيونية التقليدية، وثلاثة مرات حجم التغطية الرقمية لألعاب لندن 2012. وبذلك كانت ألعاب ريو 2016 أعلى الدورات تغطية رقمية حتى الآن.
ومن التحديات المستمرة ضمان جاذبية الألعاب الأولمبية في أعين المتابعين الشباب. ونتيجة الشعبية الواسعة لألعاب الفيديو، ستطلق اللجنة رسميا لعبة فيديو بعنوان "Steep™ Road to the Olympics" في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغشانغ 2018. والهدف هو إشراك الشباب والفئات الجماهيرية الأخرى ليجربوا كل الأنشطة الرياضية التي تحدث في دورة الألعاب الشتوية. ويأتي إطلاق اللعبة كمنتج مرخصة رسميا لألعاب بيونغشانغ 2018 كتحية من الحركة الأولمبية لحركة الرياضات الإلكترونية التنافسية الناشئة.
ورغم دعم كثير من أصحاب المصلحة في الحركة الأولمبية لجهود تطوير رياضة إلكترونية أوسع شعبية، ناقش المشاركون في القمة الأولمبية في أكتوبر 2017 أهمية هذه الرياضة بالنسبة للألعاب الأولمبية. وفي ذلك الاجتماع، دعيت اللجنة والرابطة العالمية للاتحادات الرياضية الدولية إلى فتح حوار مع صانعي ألعاب الفيديو ومجتمع لاعبيها لاستكشاف كيفية إدراج الرياضة الإلكترونية في إطار الألعاب الأولمبية.
وخلص المؤتمر إلى إمكانية اعتبار الرياضة الإلكترونية نشاطا رياضيا لأن اللاعبين المشاركين يستعدون ويتدربون بكثافة مماثلة للرياضيين المتنافسين في الألعاب الرياضية التقليدية. وأكد المجتمعون أن محتوى الرياضة الإلكترونية يجب ألا ينتهك القيم الأولمبية؛ وهذا شرط أساسي لاعتراف اللجنة بالرياضات الإلكترونية كرياضة تنافسية. ورأى المؤتمر أنّ هذا الاعتراف يتطلب إنشاء منظمة تدير هذه الرياضة وتمثلها وتضمن امتثالها لقواعد الحركة الأولمبية وأنظمتها بشأن مكافحة المنشطات والرهانات والتلاعب بالمنافسة.
وبغية مواصلة دراسة نوع العلاقة بين الرياضات الإلكترونية والحركة الأولمبية مستقبلا، ستعرض شركة إنتيل، وهي من كبار شركاء اللجنة العالميين، تجربتين متميزتين لألعاب رياضات إلكترونية في بيونغشانغ 2018، وهما: لعبة "StarCraft® II" من شركة بليزارد وواحدة من أكثر ألعاب الرياضة الإلكترونية شهرة، ولعبة "Steep™ Road to the Olympics"، وذلك خلال بطولة إنتل لمحترفي الرياضات الإلكترونية.
القناة الأوليمبية
تسخيرا لإمكانات وسائل الإعلام الرقمية، وإشباعا لرغبة الجمهور في تلقّي المحتوى الرياضي الجيّد، أطلقت اللجنة مؤخرا القناة الأولمبية، وهي أول منصة رقمية متعددة الوسائط الإعلامية وعالمية التوجّه تنقل للمشجعين شغف الرياضة، وتمكنهم من التواصل مع الحركة الأولمبية والاطّلاع على المشاريع الثقافية والإنسانية التي تنفذها اللجنة على مدار السنة. وهذه القناة بند هام من أجندة اللجنة لعام 2020، وهي خارطة طريق استراتيجية لمستقبل الحركة الأولمبية التي تدرج التكنولوجيا الرقمية كوسيلة للوصول إلى الجمهور الأصغر سنا بصيغة عصرية.
والقناة الأولمبية متاحة مجانا على الرابط: www.olympicchannel.com/ar عبر تطبيقات الهواتف الذكية بنظامي أندرويد أو أبل، والمحتوى مترجم إلى 11 لغة. ويضمّ فهرس القناة أكثر من 6000 برنامج تغطي جميع التخصصات الأولمبية و206 بلدان. وقد عقدت القناة شراكات مع 54 منظمة رياضية، حتى الآن، وعرضت لأول مرة أكثر من 30 سلسلة جديدة. ووقعت شراكات مع مختلف وسائل الإعلام لإنتاج محتويات محلية. ومن هذه الشركات شركتا NBCUniversal وUSOC في الولايات المتحدة الأمريكية، وشركة Eurosport في أوروبا ومجموعة beIN في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
حماية الممتلكات الأولمبية
من الجوهري حماية الممتلكات الأولمبية وما يرتبط بها من حقوق الملكية الفكرية، حفاظا على الطابع الحصري الذي يكتسبه الشركاء التجاريون بانضمامهم إلى الألعاب الأولمبية، ومن أجل تأمين الدخل اللازم لتمويل الحركة الأولمبية. وتبنى جميع برامج الحقوق التسويقية والإعلامية للجنة على الحقوق الحصرية التي تمنح لشريك التسويق فيما يتعلق بالمحتوى أو الإعلام أو فئات الخدمات أو المنتجات أو الأقاليم. ومن شأن المحتويات غير المرخصة أو غير المرتبطة بالألعاب الأولمبية أن تؤثر سلبا على قيمة الممتلكات الأولمبية وإيراداتها.
وعلى الصعيد الدولي، تعوّل اللجنة على مختلف المعاهدات الدولية للملكية الفكرية، ولا سيما معاهدة نيروبي التي اعتمدت عام 1981 وتديرها الويبو. وبموجب هذه المعاهدة، تلتزم كل الدول الأطراف في معاهدة نيروبي بحماية الرمز الأولمبي من استخدامه لأغراض تجارية (في الدعاية وعلى المنتجات وكعلامة وغير ذلك) دون تصريح من اللجنة الدولية الأولمبية.
ونظرا للأهمية الاقتصادية المتنامية للرياضة، اعتمدت بلدان كثيرة (استضافت الألعاب الأولمبية أو ستستضيفها) تشريعات وطنية محددة لحماية الممتلكات الأولمبية وحقوق منظمي الأحداث الرياضية. وتضع هذه التشريعات تدابير قانونية خاصة لمنع "الاحتيال التسويقي"، الذي يعرف بأنه محاولات متعمدة وغير متعمدة لإنشاء صلة مزيفة أو غير مصرح بها مع الممتلكات الأولمبية أو الألعاب الأولمبية، إذ تسعى شركات أو منظمات لا تربطها صلة رسمية بالحدث الأولمبي إلى استغلال الحدث في تسويق منتجاتها. وسجّلت مثل هذه الحالات في الأرجنتين التي ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية للشباب في بوينس آيرس عام 2018، وفي أستراليا والبرازيل وكندا والصين والجمهورية التشيكية ومصر وفرنسا واليونان وإيطاليا وبولندا والاتحاد الروسي وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
وبالنسبة إلى دورة بيونغشانغ لعام 2018، اعتمدت حكومة جمهورية كوريا على قانوني حق المؤلف والعلامات التجارية وأضافت قانونا خاصا لدعم دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتوية في بيونغشانغ عام 2018. وتجري مناقشات بشأن تشريعات مماثلة في دورات طوكيو 2020، وبكين 2022، وباريس 2024.
وإضافة إلى ما سبق، تضع اللجنة لوائح تنفيذية محددة تنطبق على الألعاب الأولمبية. وتشمل هذه اللوائح، على سبيل المثال، القواعد المطبّقة للوصول إلى الأخبار في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الثالثة والعشرين في بيونغشانغ 2018، من 9 إلى 25 فبراير 2018، والمبادئ التوجيهية للجنة الأولمبية الدولية بشأن الإعلام الاجتماعي والرقمي والموجّهة للأشخاص المعتمدين في الأولمبية الشتوية الثالثة والعشرين في بيونغشانغ 2018، والمبادئ التوجيهية للجنة الأولمبية الدولية بشأن استخدام الممتلكات الأولمبية من قبل المنظمات الإعلامية لأغراض التحرير الإخباري.
وتحمي هذه القواعد واللوائح الحقوق الحصرية في جميع صفقات حقوق التسويق والإعلام وتضمن توليد الدخل اللازم لتمويل مناسب للحركة الأولمبية. وتسمح لعامة الناس بالتمتع بالعروض الرياضية المذهلة للألعاب الأولمبية.
مصادر دخل اللجنة الأولمبية الدولية
- بيع حقوق البث (2013-2016) – 47 في المائة من الدخل (4157 مليون دولار)؛
- واتفاقات الرعاية (2013-2016) – 45 في المائة من الدخل (1003 مليون دولار)؛
- واتفاقيات الترخيص – 3 في المائة من الدخل؛
- وبيع تذاكر دورات الألعاب الأولمبية ودورة الألعاب الأولمبية للشباب – 5 في المائة من الدخل.