المدير العام لليونسكو يؤكد على دور الملكية الفكرية في مواجهة تحديات السياسة العامة العالمية

جنيف Tue Sep 22 18:01:00 CEST 2009
PR/2009/605

المدير العام للويبو، فرانسس غري

ألقى المدير العام للويبو السيد فرانسس غري كلمته الافتتاحية بمناسبة الاجتماعات السنوية للدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية وناشد هذه الدول أن تتعاون لكي يصبح نظام الملكية الفكرية حافزا للتوصل إلى حلول للتحديات العالمية التي تواجه راسمي السياسات في العالم بأسره.

ورحب السيد غري بأكثر من أربعين وزيرا حضروا أول جزء رفيع المستوى على الإطلاق لهذه الاجتماعات. وقال إن مشاركتهم تدل على أن "الملكية الفكرية لا تزال في عيون الكثيرين وسيلةً مهمة لتهيئة الظروف الآمنة من أجل الاستثمار في الإبداع والابتكار وتعميم ما يبتدع أو يبتكر من منتجات وخدمات". كما ناشد السيد غري الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 184 دولة أن تجد "طريقة متوازنة للسير قدما" ببرنامج المنظمة في وضع القواعد والمعايير، وحث الدول على التحلي بالمرونة والتفهم عند تناول المسائل المعروضة عليها.

وقدم السيد غري عرضا عاما للتقدم المحرز في التجديد التنظيمي في إطار برنامج التقويم الاستراتيجي للمنظمة، وعرضا لمختلف المبادرات التي استهلت من أجل بلوغ ثقافة موجهة نحو تقديم الخدمات داخل المنظمة. وواصل كلمته مستعرضا بعض التحديات الرئيسية التي تواجهها المنظمة وأوساط الملكية الفكرية ككل.

أما فيما يخص آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، فقد تحدث السيد غري عن تدابير استباقية اتخذت سنة 2009 إزاء معدلات النمو السلبية في معاهدة التعاون بشأن البراءات (-5٪) ونظام مدريد للتسجيل الدولي للعلامات التجارية (-10٪). وأشار إلى أنه من المتوقع أن يتراجع الطلب خلال سنة 2010، إلا أنه واثق أن سنة 2011 ستشهد نموا إيجابيا في الطلب على خدمات المنظمة التي تدر عليها دخلا بنسبة 93٪. كما أشار السيد غري إلى أنه على الرغم من آثار الأزمة الاقتصادية لم تدم إلا فترة قصيرة "من الواضح أن الانتفاع بنظام الملكية الفكرية سيتكثف باطراد على المدى الطويل. ويدل هذا على تطور اقتصاد المعرفة الذي يرتكز فيه الاقتصاد والتنمية والتغير الاجتماعي على المعرفة والتربية والتعليم."

وعند تطرق السيد غري لمسألة التنمية والحد من الفقر، قال إن مبدأ تحسين قدرات البلدان النامية والبلدان الأقل نموا لكي تنتفع بالاقتصاد القائم على المعرفة هو ما دفع إلى اعتماد جدول أعمال الويبو بشأن التنمية. كما قال "إننا الآن في مرحلة تقتضي منا تحويل تلك الفكرة إلى حقيقة عملية". وأضاف أنه "لا سبيل إلى ذلك التحوّل سوى ببذل جهود مشتركة والتزام متبادل من الدول الأعضاء والأمانة." وشدد السيد غري على أنه لا بد للدول الأعضاء والأمانة "أن تكون طموحة وأن تحدد المشروعات المميزة وتنفذها." وقال إن الويبو ستسعى من خلال أنشطة بناء القدرات المعتادة التي تضطلع بها إلى "إقامة روابط أقوم بين أنشطة البلدان الاقتصادية وأولوياتها ومواردها" مؤكدا على "الانتفاع بالملكية الفكرية لتتكلم الملكية الفكرية بلغة الظروف الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية التي هي في خدمتها".

وناشد المدير العام الدول الأعضاء أن تجد أسسا مشتركة للمضي قدما في عمل المنظمة لوضع القواعد والمعايير. وأضاف إن الإخفاق في ذلك سيلحق الضرر بالعمل المتعدد الأطراف وسيفضي إلى حلول ثنائية أو تعددية في الوقت الذي يتزايد فيه استخدام التكنولوجيات عالميا. وقال السيد غري في معرض حديثه إن "استخدام التكنولوجيا في العالم يتطلب صياغة معايير عالمية لضمان الإتاحة الفعلية لهذه التكنولوجيا في كل مكان."

كما قال السيد غري إنه "لا بدّ للمنظمة من أن تكون قادرة على التعامل مع طيف التطور التكنولوجي بكل ألوانه إذا أرادت الاحتفاظ بصدارتها في وضع القواعد والمعايير". وأضاف قائلا "علينا أن نقوى على وضع القواعد التي تنظم أحدث التكنولوجيا وأعرق المعارف التقليدية في آن واحد وواقع المنظمة العالمية يملي عليها، في رأيي، أن تكون قادرة على معالجة الاثنين". وفي هذا الصدد، ناشد الدول الأعضاء أن "تتحلى بالمرونة والتفهم" لتجديد ولاية اللجنة الدولية الحكومية المعنية بالملكية الفكرية والموارد الوراثية والمعارف التقليدية والفولكلور استنادا إلى أسس تفضي إلى نتائج ملموسة على المستوى الدولي.

وبخصوص مسألة حق المؤلف في الوسط الرقمي، استعرض السيد غري التطورات العاصفة" التي تحدث في هذا المجال وتشير إلى بروز " تحد يواجه منظومة حق المؤلف". وقال إنه إذا كان الهدف هو "توفير آلية قائمة على السوق تستخلص قيمة معينة من المعاملات الثقافية حتى تمكن المبدعين من تأمين عيش كريم وتضمن في الوقت ذاته توافر المواد الإبداعية الميسرة على أوسع نطاق ممكن"، فالسؤال هو "ما الوسيلة التي نمتطيها لبلوغ هذا الهدف في خضم انتشار المحيط الرقمي".

كما ناشد المدير العام الدول الأعضاء أن تنظر في مبدأي "التشاور والتمحيص على نطاق عالمي" خلال العام القادم بشأن المسألة الأساسية المتمثلة في طريقة تمويل الثقافة في القرن الحادي والعشرين. وأشار إلى أن القرصنة قضية عالمية ودعا الحكومات إلى التفكير في "كيف يمكننا إعمال حق المؤلف في المحيط الرقمي حيث لا فرق في الجودة بين الأصل والصورة وحيث وسائل النسخ والتوزيع متاحة لكل من يريد بثمن بخس؟"

وفيما يخص الهدف الاستراتيجي الجديد، أي "تنسيق البنية التحتية العالمية للملكية الفكرية وتطويرها" من أجل صياغة برامج لتبادل أفضل الممارسات ونشرها، ذكر المدير العام بعض النتائج الملموسة السابقة. ومنها برامج الرقمنة لفائدة مكاتب البلدان النامية، وإنشاء مراكز خدمات التكنولوجيا والابتكار، وافتتاح قاعدة بيانات جديدة، مما يتيح النفاذ مجانا إلى الإصدارات والمجلات العلمية والتقنية لفائدة البلدان الأقل نموا.

وفي هذا الصدد، أشار المدير العام إلى خارطة الطريق الخاصة بمعاهدة التعاون بشأن البراءات لتحسين عمل نظام هذه المعاهدة. وهي معاهدة إجرائية تجمع بين مكاتب البراءات في العالم. وأضاف أن "الهدف منها هو إيجاد حلول للزيادة في تقاسم العمل والتقليل من نواقصه وتحسين الجودة في نتائج نظام البراءات الدولي والإسهام بالتالي في إدارة تراكم العمل المتأخر الذي لا يمكن أن يستمر والبالغ 4.2 مليون من طلبات البراءات في العالم التي تنتظر المعالجة." وشدد السيد غري على أن "ذلك ليس مسارا في وضع القواعد والمعايير". وترمي خارطة طريق معاهدة التعاون بشأن البراءات إلى الجمع بين كل تلك المبادرات ووضعها في نهاية المطاف تحت مظلة هذه المعاهدة متعددة الأطراف."

وختاما، ألقى المدير العام الضوء على تجديد الويبو التزامها في مناقشات بشأن قضايا السياسة العامة العالمية كتغير المناخ، قائلا إن " الابتكار التكنولوجي سيكون في لبّ الجهود العالمية الرامية إلى التصدي للتحديات المرتبطة بتغير المناخ". وأضاف أنه "يمكن الاستفادة من تجربة نظام الملكية الفكرية وخبراته في ابتكار التكنولوجيا وتسويقها وتعميمها أو نقلها." كما أشار السيد غري إلى إنشاء منبر لأصحاب المصلحة لتحسين انتفاع معاقي البصر بالأعمال المنشورة.

ثم توجه السيد غري بالشكر إلى الرئيس المغادر للجمعية العامة للويبو، السفير مارتن أوهومويبهي، وهو أيضاً الممثل الدائم لنيجيريا لدى الأمم المتحدة في جنيف، على عمله بوصفه رئيسا. وحث السفير أوهومويبهي المندوبين على التعاون لكي يجدوا حلولا للتصدي للتحديات التي تعترض الويبو وأوساط الملكية الفكرية بصفة عامة. أما سعادة السفير ألبرتو دومون، المنتخب حديثا رئيسا للجمعية العامة للويبو، وهو أيضا الممثل الدائم للأجنتين لدى الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية في جنيف، فقال إن جمعيات الويبو فرصة لتحديد الاستراتيجية بغية مواجهة التحديات الجديدة وحث المندوبين على التعاون والتحلي بالمرونة في مناقشاتهم من أجل دعم الهدف المشترك المتمثل في تمكين الويبو من مواصلة صياغة البرامج لخدمة الصالح العام.

ورحب السفير دومون بالجزء الوزاري الرفيع المستوى الذي يعقد لأول مرة في تاريخ الويبو. وقال إن هذا "دليل واضح على الأهمية التي اكتسبتها الملكية الفكرية في مجال السياسة العامة ومن ثم في الدوائر العليا لاتخاذ القرارات في حكوماتنا". ويعد الجزء الوزاري الرفيع المستوى منتدى فريد يلتقي فيه زهاء 50 وزيرا نتشرف بحضورهم. وسيحدد هذا الجزء الوزاري الفرص والتحديات التي ستعترض راسمي السياسات في مستقبلا.

وتعقد الجمعيات دورتها في جنيف من 22 سبتمبر/أيلول إلى 1 أكتوبر/تشرين الأول 2009 لاستعراض حالة أنشطة المنظمة ومناقشة آفاق العمل.