مسار الحماية- الاستراتيجيات الجيدة للعلامات التجارية تبدأ من البداية
بقلم كاثرين بارك، مستشارة في مجال العلامات التجارية الاستراتيجية، والمستشارة العامة سابقاً في مجال إدارة الوسم، بشركة جنرال إلكتريك، ولاية كونيتيكت، الولايات المتحدة الأمريكية
يعد إنشاء علامة تجارية عملية إبداعية مكلفة يتطلب تحمل بعض المخاطر المحسوبة. وغالباً ما يتردد المحامي في خوضها. ويتركز بوجه عام الاهتمام على المستشارين في مجال التوسيم، والدراسات الاستقصائية ومجموعات التركيز، التي تقدم آراءً عن خيارات التوسيم محل النظر، وفريق التسويق الذي ينشئ حكاية العلامة وحملة ترويجية خاطفة للإعلان عن انطلاقها، وبالطبع المديرين التنفيذيين، الذين سيكشفون الستار عن العلامة. لكن انتبه: التوجيه القانوني هو أمر أساسي لإطلاق المنتج على نحو ناجح وسلس.
لقد كتب الكثير عن كيفية حماية علامة تجارية. ومن أهم الخطوات في إنشاء علامة قابلة للحصول على الحماية هو التأكد من أن العلامة التجارية غير مستخدمة. لكن يمكن أن تختلف المبادرات الرامية إلى التأكد من أن العلامة التجارية غير مستخدمة. إذ ينبغي تناول العديد من المسائل الاستراتيجية لتحديد كيف يمكن إجراء بحث فعال. وسواء كنت مستشاراً داخلياً أو تقدم المشورة لزبائنك كمستشار خارجي، فإن النصائح التالية ستساعدك.
التوجيه القانوني أمر أساسي لإطلاق المنتج على نحو ناجح وسلس.
ضع جداول زمنية وميزانيات
أخبر زبونك عن الوقت والتكلفة المرتبطين بإجراء بحث سليم للتأكد من أن العلامة غير مستخدمة وضع ميزانية محددة. وتكون عادة لدى أفرقة التسويق، بمجرد الموافقة على الخطط التجارية التي ستتبع، الرغبة في الانطلاق فوراً. لذا، فمن المهم أن يوضح المستشار لماذا قد لا يكون ذلك ممكناً، وأن هذا الوقت لازم للتأكد من أن العلامة التجارية غير مستخدمة، وأنه إذا كان من الممكن التعجيل بالأمر، فإن القيام بذلك سينطوي على إنفاق المزيد من الموارد. وقد يكون من الصعب إطلاق العلامة على وجه السرعة، إذا كان لابد من إجراء بحث متعدد الجنسيات نظراً لتقلبات المحامين في أساليب عملهم في مختلف الأنظمة القانونية واحتمال الحاجة إلى إجراء تحقيقات للمتابعة من أجل تقييم المخاطر المحتملة. وغني عن القول إنه كلما خاض المحامي الموضوع مبكراً، كلما كانت فرص التأكد سريعاً من عدم استخدام العلامة أفضل. وبصفتك محامياً، يمكنك تقديم المساعدة على حل مشكلات البحوث الأولية من أجل استبعاد العلامات التي من المحتمل أن تكون غير صالحة للاستعمال وغير قابلة للتسجيل.
اختر أين تبحث
يمكن أن يكون اختيار الأماكن التي تجرى فيها البحوث من أجل التأكد من أن العلامة التجارية غير مستخدمة أكثر تعقيداً مما قد يبدو عليه للوهلة الأولى. فالعديد من العلامات تكون موجهة للاستخدام في عدة أنظمة قانونية، لكن قلة من الشركات، إن وجدت، تتحمل إجراء بحث حقيقي عن العلامة التجارية العالمية. ففي الواقع العملي، تفضل الشركات إجراء بحوث فقط في أكثر الأسواق أهمية. وهي باتخاذ هذا الحل الوسط، تتعلل بأنه إذا كانت العلامة متوفرة في هذه الأسواق، فمن غير المحتمل أن تواجه تحديات خطيرة في أماكن أخرى. غير أنه تحديد هذه الأسواق المهمة أكثر من مجرد تقييم أكبر قواعد المستهلكين المحتملة. فهذه الأسواق مهمة، بالطبع، لكن من المهم أيضاً الأخذ في الحسبان البلد الذي يقع فيه مقر المنافس الرئيسي لزبونك والمكان الذي يشتري فيه السلع. فعلى سبيل المثال، يعطي إجراء بحث في قاعدة بيانات العلامات التجارية لدى الاتحاد الأوروبي نبذة عن ظروف العمل الأوروبية، لكن إذا كان منافس زبونك هو شركة يقع مقرها في ألمانيا، فينبغي أيضاً النظر في إجراء بحث لقاعدة بيانات المكتب الألماني للعلامات التجارية.
تتوفر اليوم العديد من الخدمات الممتازة التي تعد بإجراء بحوث شاملة للعلامات التجارية العالمية وتجريها على نحو أسرع. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تجميع نتائج هذه البحوث وتقديمها بشكل سريع للغاية.
ويتعين عليك أيضاً أن تنظر في البلدان التي ستطلب فيها تدوين العلامة التجارية لزبونك لدى سلطات الجمارك الوطنية. فهي عنصر رئيسي لتحقيق الإنفاذ على الحدود والحماية من السلع المقلدة. وهذه الوثائق تستند عادة إلى تسجيل سار وقائم للعلامة التجارية في البلد المعني، حيث يمكن لسلطات الجمارك أن توقف تصدير (واستيراد) المنتجات المقلدة. وإذا كانت العلامة التجارية التي ينظر فيها زبونك ستعرف منتجاً يمكن استنساخه على نحو غير مشروع، فينبغي أيضاً أن تدرج في استراتيجية البحث البلدان المعرضة لمخاطر عالية فيما يخص تصنيع السلع المقلدة وتصديرها.
حدد الفئات التي ينبغي البحث عنها
إذا كان البحث يجري عن العلامات التجارية وفقاً لفئة أو فئات السلع والخدمات التي ستستخدم بشأنها العلامة التجارية المقترحة، فإن النظر على نحو أشمل للسلع والخدمات ذات الصلة يشكل ميزة استراتيجية. وقد يكون المستخدم الأولي للعلامة في فئة معينة من السلع أو الخدمات ذات الصلة قد وسع عملياته لتمتد إلى السلع والخدمات الواقعة في الفئة محل اهتمام زبونك، دون أن يكون قد طلب بعد التسجيل للسلع أو الخدمات المعنية. أو قد يقرر زبونك توسيع نطاق استخدامه للعلامة التجارية لتشمل مختلف فئات السلع في المستقبل. فمن الضروري أن تكون هناك معرفة جيدة بالصناعة التي ستستخدم فيها العلامة لإجراء هذا التقييم.
العلامات الوصفية- ازدياد المخاطر فيما يخص التأكد من أن العلامة التجارية غير مستخدمة
يعرف المحامون المتخصصون في مجال العلامات التجارية أن أقوى العلامات- تلك التي تكون منحوتة (مثال بيبسي أو أوريو) أو اعتباطية (مثال أبل أو أمازون) وتلك التي لا تشير بأي شكل إلى المنتج المقدم أو الخدمة المقدمة- هي العلامات الأسهل من حيث التأكد منها. وهي الأسهل- بعد التسجيل- من حيث حمايتها.
لكن، بالنسبة إلى العديد من الشركات، الحكمة التعويضية تستلزم ضرورة أن تعطي العلامة التجارية للمشتري إشارة ما لما يشتريه. وكلما كانت العلامة وصفية، كلما كان من الصعب التأكد من استخدامها. فالسجلات مكتظة بعلامات مماثلة تتطلب تحليل الفوارق التي تكون في الغالب ضئيلة. وحين تكون عناصر علامة معينة مستخدمة بشكل شائع أو وصفية في مجال معين، يكون من الضروري للمحامي تقدير عدد هذه العلامات، وما إذا كانت شركة أخرى تستخدمها لنفس المنتجات أو لمنتجات متداخلة وما إذا كانت مشابهة بشكل وثيق للعلامة المقترحة؛ وما إذا مالك أي من العلامات المسجلة الأولية معروف بشكل كاف للاحتجاج بأنها مؤهلة لكي تتمتع بحماية معززة.
ومن الخطوات الأخرى في عملية التأكد من عدم استخدام العلامة الوصفية إجراء فحص وثيق للسلع والخدمات المحددة في تسجيلات المستخدمين الأوليين وطلباتهم. وفي الولايات المتحدة الأمريكية حيث ينبغي عند تعريف علامة تجارية تحديد السلع و/أو الخدمات الفعلية التي ستستخدم في التعريف تحديداً دقيقاً، قد يكون من الممكن استخدام وتسجيل علامة مماثلة إذا كانت السلع متميزة بشكل كاف. لكن في العديد من الأنظمة القانونية الأخرى، حيث يكفي تقديم تعريفات أعم بل وحتى عناوين الأصناف، قد لا تكون العلامة قابلة للتسجيل دون الحصول على موافقة أو إبرام اتفاق تعايش.
الحصول على الموافقة واتفاقات التعايش- مخاطر ومزايا
حين يكشف بحث معين عن وجود مستخدم أو صاحب تسجيل أولي لعلامة مطابقة أو شبه مطابقة، يكون من الصعب نقل الأخبار السيئة، حيث يمكن لإنقاذ الموقف، إبرام اتفاق مع هذا الطرف الآخر، يوافق بموجبه على استخدام العلامة التجارية أو يقبل التعايش مع العلامة الجديدة بشرط استيفاء بعض التعهدات. وأول شيء ينبغي النظر فيه عند السعي لإبرام هذا الاتفاق، هو احتمال أن يقبل صاحب التسجيل الأولي الطلب والشيء الثاني هو استعداد زبونك للدفع مقابل هذه الموافقة. وما لم يكن زبونك مستعداً للابتعاد عن هذه العلامة المقترحة إذا لم يمنح الإذن، أو إذا تعذر الاتفاق على مبلغ تعويض مقابل الحصول على الإذن، فإن طلب الموافقة سيكون محفوفاً بالمخاطر. فطلب الإذن يقر ضمنياً بصحة حقوق المستخدم الأولي. ومن ثم، فإن الاستمرار في استخدام علامة رغم عدم الحصول على الموافقة قد يؤدي إلى رفع دعوى بالتعدي المتعمد، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الخسائر ضمن عواقب أخرى.
ويتعين عليك أيضاً النظر فيما إذا كانت مكاتب العلامات التجارية في البلد الذي يطلب فيه التسجيل ستعترف بمثل هذا الاتفاق. فليست جميع المكاتب توافق تلقائياً على مثل هذا الاتفاق. فحتى البلدان التي توافق على هذا الاتفاق قد تفحصه بعين ناقدة وقد ترفض قبوله إذا اعتبرت أن شروطه لا تمنع على نحو كاف حدوث خلط لدى المستهلكين. ويمكن للمحامين من ذوي الخبرة في المنطقة تقديم توجيهات ثمينة في هذا الصدد.
اختيار مكان إجراء البحوث للتأكد من أن العلامة التجارية غير مستخدمة، قد يكون أكثر تعقيداً مما قد يبدو عليه للوهلة الأولى.
وثمة اعتبار ثالث وهو أن الحصول على موافقة على التسجيل أو إبرام اتفاق تعايش فيما يخص استخدام العلامة التجارية، يتعلق عادة فقط بالاستخدام الحالي. فالأسواق تتطور، وإبرام اتفاق لا يستبق حدوث تغييرات في المستقبل قد يثير مشكلات خطيرة بالنسبة إلى التوسع في الأنشطة التجارية، وقد يؤدي إلى خصومات قضائية مكلفة في أنظمة قانونية متعددة من أجل تسوية حقوق كل طرف من الأطراف.
تعزيز الاعتماد على الشركات المعنية بالبحث والتكنولوجيا واتخاذ القرار القانوني الصائب
تتوفر اليوم العديد من الخدمات الجليلة التي تعد بإجراء بحوث شاملة للعلامات التجارية العالمية وتجريها بالفعل على نحو أسرع. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تجميع نتائج هذه البحوث وتقديمها بشكل سريع للغاية. لكن، لا يزال ينبغي إضافة تحليلات قانونية متينة وحكم سليم إلى نتائج البحوث التي يتم التوصل إليها بهذه الطريقة. ففي الغالب، بحسب طبيعة المنتج وسوقه ومدى تقدم أو عدم تقدم المستهلكين المحتملين والممارسات الصناعية، قد تكون علامة معينة عالية المخاطر وفقاً لتقرير بحثي مقبولة بالنسبة إليك أو إلى زبونك في ضوء عوامل أخرى. وفي المقابل، قد تشكل بالفعل علامة "تأكد تقرير بحثي من عدم استخدامها" خطراً بسبب عوامل تعرفها شركة زبونك.
احذر ممارسة القانون دون تصريح
اعرف حدودك حين تعطي رأيك. فمن الأسهل اليوم من أي وقت مضى الحصول على معلومات عن العلامات التجارية المسجلة أو المستخدمة في أي مكان في العالم. لكن ما لم يكن مصرحاً لك بالعمل في النظام القانوني المعني، احذر إعطاء رأي قانوني عن مدى توفر علامة معينة. فأولاً، ما يمكن أن يشكل مشكلة في وطنك قد ينظر إليه بشكل مختلف في مكان آخر. ثانياً، يمكن للمتخصصين في مجال العلامات التجارية الذين يفهمون كيف تطبق القوانين في بلد معين أو منطقة معينة أن يقدموا مشورة أفضل إلى الزبون بشأن المخاطر التي قد تنشأ في هذه المواقع. وثالثاً، إذا لم يكن مصرحاً لك القيام بذلك، على الأقل في بعض البلدان، فإنك قد تتهم بممارسة القانون دون تصريح بذلك.
عليك مواكبة اتجاهات السوق
كن واعياً باتجاهات الصناعة التي قد تستخدم فيها العلامة. واسأل عن منافسي زبونك وانظر في علاماتهم التجارية عند وضع استراتيجية بحثك. فالعديد من شركات التوسيم تستفيد من اتجاهات الصناعة عند إنشاء علامات جديدة لزبائنها، حيث يمكن أن تكون هذه الاتجاهات مفيدة للشركة التي تبحث عن علامة جديدة تدخل بسلاسة في اللغة الشائعة، لكن ذلك يعني أيضاً أن شركات أخرى يمكن أن تنظر في علامات مماثلة. ويكون اعتماد علامات شائعة للغاية أمراً محفوفاً بالمخاطر، لا سيما بسبب الفاصل الزمني بين إيداع طلب علامة تجارية وتسجيلها (واحتمال البحث عنها) في سجل العلامات التجارية والجداول الزمنية للتسجيل المحددة في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية.
وانظر أيضاً في احتمال اعتماد مصطلح قد يعتبر لاحقاً وصفياً. فحين بدأت الشركات أولاً إيداع طلبات علامات تجارية باستخدام مصطلح "ذكية" للأجهزة المرتبطة ببعضها البعض، منحت مكاتب العلامات التجارية تسجيلات دون اشتراط إخلاء المسؤولية. لكن نظراً لأن مسجلي العلامة التجارية أصبحوا يفهمون المصطلح على أنه يعني "قادر على"، فإنه لم يعد عنصراً قابلاً للحصول على الحماية في تسجيل العلامة. وحتى الشركات التي اكتسبت حقوقاً في العلامات فيما يخص العلامات "الذكية" لم تتمكن من إنفاذ تلك الحقوق ضد الوافدين الجدد على هذا المجال.
استخدام التفكير السليم في جميع مراحل العملية
التأكد من عدم استخدام علامة تجارية يتطلب أيضاً التفكير السليم. تأكد من أنك تفهم ما يعنيه مصطلح غير مألوف. فهل العلامة التجارية واضحة (أي متاحة) لأنها كلمة لها معنى لن ترغب معظم الشركات في ربطها بمنتجاتها؟ ثانياً، كيف تترجم العلامة إذا استخدمت في بلدان متعددة؟ هل تعطي العلامة المحبذة في منطقة معينة صورة سلبية عن المنتج أو تسيء إلى المشاعر في منطقة أخرى؟ والغريب أن الفرق التسويقية ليست دوماً على وعي بهذه المسائل. ويمكن لمحام جيد أن يجري مثل هذه التحليلات في إطار ممارساته، حيث يمكن أن تثار مسائل قانونية بسبب الرسائل غير المتعمدة التي توجهها العلامة.
الغرض من مجلة الويبو مساعدة عامة الجمهور على فهم الملكية الفكرية وعمل الويبو، وليست المجلة وثيقة من وثائق الويبو الرسمية. ولا يراد بالتسميات المستخدمة وبطريقة عرض المادة في هذا المنشور بأكمله أن تعبر عن أي رأي كان من جهة الويبو بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو منطقة أو سلطاتها أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها. ولا يراد بهذا المنشور أن يعبر عن آراء الدول الأعضاء أو أمانة الويبو. ولا يراد بذكر شركات أو منتجات صناعية محددة أن الويبو تؤيدها أو توصي بها على حساب شركات أو منتجات أخرى ذات طبيعة مماثلة وغير مذكورة.