بقلم ديانا مازونغا، كاتبة مستقلة، لوساكا، زامبيا
تعمل بريشوس غوزوا على نشر الوعي بالملكية الفكرية عن طريق مركز الملكية الفكرية في زامبيا، كما تسهر على تثقيف الناس بمدى أهمية حقوقهم التي قد لا يكونون على دراية بوجودها أصلاً. وتمكنت بريشوس ذات السادس والعشرين ربيعاً من كسر حواجز المألوف بتقديم خدمات استشارية داخل مجتمعها بشأن موضوع الملكية الفكرية المثير للاهتمام.
بريشوس هي مؤسسة مركز زامبيا للملكية الفكرية. ويعمل المركز على ترسيخ قيم حقوق الملكية الفكرية وأهميتها، مع تهيئة أرضية خصبة تشجع على الابتكار والإبداع وتعود بالنفع على صاحب الفكرة والمجتمعات وتدفع عجلة التنمية الاقتصادية في زامبيا.
رأى مشروع مركز الملكية الفكرية في زامبيا النور في عام 2017. ويعزى تطوره إلى شغف بريشوس وعزمها على أن "يكون لزامبيا مكان في عالم الملكية الفكرية". كانت بريشوس حينها طالبة في السنة الرابعة في جامعة كوبربيلت. واختارت متابعة درس اختياري عن الملكية الفكرية لإشباع شغفها بالابتكار والإبداع. وفي ذلك العام، نشرت الويبو على موقعها خريطة بالبلدان المشاركة في الحملة السنوية لليوم العالمي للملكية الفكرية. وهو يوم تسعى من خلاله الويبو إلى نشر الوعي بقدرة الملكية الفكرية على لعب دور في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية.
وقالت بريشوس: "ألقيت نظرة فاحصة على الخريطة، وانزعجت عندما لم أجد زامبيا من بين البلدان العديدة المشاركة في الاحتفاء باليوم العالمي للملكية الفكرية عبر العالم". ثم أردفت: "تعج البلاد بالمواهب المُبدِعة والمُبتكِرة التي لم تنل الاعتراف الذي تستحقه".
وكانت تلك اللحظة نقطة بداية رحلة شيقة مقصدها أن تنال زامبيا مكاناً في هذا اليوم العالمي الهام لنشر الوعي بالملكية الفكرية بين العموم. وراسلت بريشوس الويبو، واستخدمت أدوات الحملة الرائعة التي تضعها المنظمة على ذمة الجمهور كل سنة، وأطلقت حملتها الخاصة للملكية الفكرية بتنظيم أول نسخة من اليوم العالمي للملكية الفكرية في الركن الأمريكي التابع لجامعتها.
"شغفي ببلدي وبقدراته كبير جداً. إذ تزخر زامبيا بالموارد والجمال والمواهب والإبداع والثروات. وهدفي من خلال إنشاء مركز زامبيا للملكية الفكرية هو أن يرى العالم مدى روعة زامبيا وتعزيز تنميتها المستقبلية".
وقبل أسبوع من موعد انعقاد نسخة عام 2017 من اليوم العالمي للملكية الفكرية - الذي يوافق الاحتفال به يوم 26 أبريل من كل سنة - أطلقت بريشوس حملة على وسائل التواصل الاجتماعي وافق موضوعها موضوع حملة الويبو في تلك السنة: الابتكار: من أجل حياة أفضل. وأقنعت زملائها وزميلاتها في الدراسة بالانطلاق في نشر الوعي بالملكية الفكرية كذلك. وعمدت أيضاً إلى تنظيم ندوة اجتمع فيها 70 طالباً استمعوا إلى محاضرات من مسؤولين من وكالة تسجيل البراءات والشركات في زامبيا (PACRA) عن قدرة الملكية الفكرية على دعم نمو المشاريع وتنمية المجتمع. وشارك كذلك العديد من المخترعين أفكارهم وخبراتهم في مجال الملكية الفكرية.
وقالت بريشوس: "لم أدر إذا ما كان الناس سيحضرون هذا الحدث أم لا. ولحسن الحظ، نلت دعم أستاذي المحاضر، الدكتور موييا، الذي طالما وقف إلى جانبي وساعدني في تحويل أفكاري إلى حقائق ملموسة." ولم تكن مخاوف بريشوس في محلها، إذ أحدثت التظاهرة ضجة حقيقية بشأن الملكية الفكرية وحققت نجاحاً ساحقاً.
وبعد ذلك ببضع سنوات، وضعت بريشوس نصب عينيها هدف ضم المنظمات الوطنية المعنية بالملكية الفكرية بشكل أو بآخر إلى صفها للمشاركة في الاحتفاء باليوم العالمي للملكية الفكرية. ولتحقيق ذلك، تواصلت مع منظمات من قبيل المركز الوطني لأعمال التكنولوجيا (NTBC) ووكالة تسجيل البراءات والشركات في زامبيا لحشد دعمها من أجل تسهيل تنظيم تظاهرات نشر الوعي بالملكية الفكرية في مجتمعها. وبمشاركة بريشوس النشطة في فعاليات اليوم الوطني للملكية الفكرية، تمكنت من الوصول إلى عدد أكبر من الناس في أنحاء زامبيا، وذلك عن طريق الإذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي، وإلقاء المحاضرات وعقد ندوات الملكية الفكرية.
بريشوس هي واحدة من النساء القلائل في زامبيا اللواتي تُقدمن الخدمات الاستشارية مجاناً، مساعدة بذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الشركات على تحديد أصول الملكية خاصتها.
وبريشوس اليوم واحدة من النساء القلائل في زامبيا اللواتي تقدمن الخدمات الاستشارية مجاناً لأفراد من العموم في زامبيا، مُساعدة بذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الشركات على تحديد أصول الملكية خاصتها. وهي كذلك عضوة في مجلس إدارة التحالف العالمي للملكية الفكرية (GLIPA) ولها دور قيادي في أنشطة التحالف للتوعية بالملكية الفكرية في المنطقة الأفريقية. والتحالف العالمي للملكية الفكرية هو منظمة غير ربحية تتلخص رؤيتها في بناء عالم تكون فيه الملكية الفكرية أداة لتمكين الناس من تحسين حياتهم وبناء مستقبل أكثر ازدهارا واستدامة وشمولا من خلال التوعية بالملكية الفكرية ونشر الثقافة وتحفيز التعاون.
وفقاً لأرقام البنك الدولي، ينقسم سكان زامبيا إلى 9.86 مليون امرأة و9.6 مليون رجل. ولكن، إذا ألقينا نظرة سريعة على السجلات الرسمية، سنتفطن إلى أن مشاركة النساء في عملية الابتكار تبقى ضئيلة جداً وأنهن لا يستخدمن نظام الملكية الفكرية على نحو فعال. وكان هذا ما فتح عينيّ فعلاً على حقيقة الأمور. إذ لا تُستغلّ قدرات النساء الهائلة في زامبيا كما يجب. فماذا علينا فعله لتشجيع المزيد من النساء والفتيات على العمل في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) والفنون، من أجل المساعدة على بناء اقتصاد مزدهر ومستقبل مستدام في زامبيا؟
نحن نرى بوضوح الحاجة إلى أن تتعاون العديد من الجهات المعنية لتعزيز وإرساء أرضية مفتوحة ومواتية لتمكين المرأة من تحقيق طموحاتها والمساهمة بالتالي في تحسين أداء البلاد الاقتصادي. وينبغي للمؤسسات الرئيسية مظافرة جهودها لوضع سياسات وأطر قانونية تتبنى مبادئ التنوع والشمول وتشجع النساء بفعالية على إنشاء أصول الملكية الفكرية خاصتهن وحمايتها وإدارتها لتحقيق نمو أعمالهن.
كامرأة من زامبيا، أعتقد أن أحد أدواري هو دعوة النساء في جميع أنحاء البلاد إلى التعرف على قدرات الملكية الفكرية على مساعدتهن في تحويل أفكارهن الابتكارية والإبداعية إلى أعمال تجارية مربحة.
بريشوس غوزوا
وتقول بريشوس: "كامرأة من زامبيا، أعتقد أن أحد أدواري هو دعوة النساء في جميع أنحاء البلاد إلى التعرف على قدرات الملكية الفكرية على مساعدتهن في تحويل أفكارهن الابتكارية والإبداعية إلى أعمال تجارية مربحة. وأرى أنا بلادنا تسير ببطء نحو تهيئة فضاء للملكية الفكرية يكون أكثر شمولاً وأن عدداً متزايداً من النساء تخرجن اليوم من قوقعاتهن وتدفعن عجلة التغيير وتساهمن في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في زامبيا". وأردفت بريشوس: "في حين يُعتبر العدد المتزايد من المشاريع التي تديرها النساء علامة إيجابية على أننا نسير في الاتجاه الصحيح، يبقى أمامنا الكثير لننجزه لضمان قدرة المزيد من النساء على الانتفاع مما ينبثق عن الاستخدام السديد للملكية الفكرية من فوائد."
وفي بلد يبلغ متوسط العمر فيه 17.6 سنة، ينصب تركيز بريشوس على إشراك المزيد من النساء الشابات للالتفات نحو الملكية الفكرية والاستفادة منها. إذ يقع الدفع بعجلة تنمية اقتصادية محورها المعرفة على عاتق هذا الجيل الشاب، وللنساء دور كبير في المساهمة بشكل رئيسي في تحقيق رؤية زامبيا لعام 2030 التي ترمي إلى تحويلها إلى بلد مزدهر متوسط الدخل.
للنساء دور كبير في المساهمة بشكل رئيسي في تحقيق رؤية عام 2030 التي ترمي إلى تحويل زامبيا إلى بلد مزدهر متوسط الدخل.
بريشوس غوزوا
ريتيانا فيري هي مطورة برامج ومخترعة وطالبة في السنة الثالثة اختصاص هندسة الطب الحيوي، وهي واحدة من ثلة من النساء منقطعات النظير اللواتي تعمل معهن بريشوس حاليا. وفازت ريتيانا بالعديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة أصغر مخترع لعام 2021 (والتي تسلمت معها مبلغ 000 5 دولار أمريكي) التي تمنحها المبادرة الوطنية للابتكار بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وفي 2017، اخترعت ريتيانا جهازاً لتخفيف آلام الدورة الشهرية، وهو جهاز علاجي يساعد على تخفيف الألم الناتج عن الحيض أو التهابات الأورام الليفية أو التهابات المسالك البولية والتناسلية.
ولم تكن ريتيانا تملك من المال ما يكفي لسد نفقات محام مختص في البراءات، فعمدت إلى تعلم كيفية تسجيل براءة اختراعها وحمايته بنفسها من خلال مشاهدة الفيديوهات وتصفح المواد المتاحة على الإنترنت. وحصلت ريتيانا في عام 2021 على براءة مؤقتة هي الآن تنتظر موافقة وكالة تسجيل البراءات والشركات في زامبيا عليها. ووحدت بريشوس وريتيانا جهودهما الآن للحصول على براءات لاختراعين آخرين من صنع ريتيانا.
وعقّبت ريتيانا قائلة: "لم يكن تقديم طلب تسجيل أول براءة اختراع لي في زامبيا أمراً سهلاً. وكان من الصعب عليّ التوصّل إلى المعلومات التي كنت أحتاجها لتقديم طلبي بنجاح. وأنا سعيدة حقاً بأن أحظى بدعم مركز الملكية الفكرية الذي يساعدني الآن في هذه العملية. وأريد أن أرى المزيد من النساء بصدد العمل في مجال الابتكار."
وتتعاون بريشوس وريتيانا الآن على نشر الوعي بشأن الفرص التي تمنحها الملكية الفكرية للشباب في مجال الهندسة. فمثلا، هما تعملان يدا بيد مع مؤسسة المرأة في مجال الهندسة التي تديرها إيفلين هون، لتشجيع المزيد من النساء في مجال الهندسة على استنباط حلول مبتكرة وقابلة للتسويق.
وتقول ريتيانا: "يجب علينا شحذ مواهب النساء وتمكينهن من دفع عجلة التغيير من خلال الابتكار. وسأبذل ما في وسعي لمساعدة وإلهام أكبر عدد ممكن منهن على تحقيق طموحاتهن وتفعيل مواهبهن الابتكارية وإبداعهن."
للنساء دور محوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لاجتثاث الفقر وحماية الكوكب وضمان أن ينعم الجميع بالسلام والازدهار.
بريشوس غوزوا
"جاء موضوع نسخة العام 2023 من اليوم العالمي للملكية الفكرية: النساء والملكية الفكرية: تسريع الابتكار والإبداع، في الوقت المناسب تماماً. وأطمح لرؤية المزيد من النساء ذوات القدرة والثقة بالنفس بصدد إطلاع العالم على أصول الملكية الفكرية خاصتهن، وأريد أن تستفدن من قيمة هذه الأصول. ويجب أن تغتنم النساء فرصة هذا الحدث لعرض أفكارهن ووجهات نظرهن ومواهبهن سواء كن تعملن في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أو الصناعات الإبداعية. وتقول بريشوس: "للنساء دور محوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لاجتثاث الفقر وحماية الكوكب وضمان أن ينعم الجميع بالسلام والازدهار."
ومستقبلاً، تعتزم بريشوس نسج علاقات تعاونية مع مؤسسات حكومية رئيسية لضمان دمج الملكية الفكرية في نظام التعليم الثانوي. وهكذا، سيتعرف الشباب في وقت مبكر على حقوق الملكية الفكرية وما تفتحه من أبواب إن استخدمت على نحو سديد. وهي تطمح للعمل مع الجهات المعنية الرئيسية لتدارك النقص الحالي في المعلومات بشأن الملكية الفكرية، وبذلك، ستساعد على تطوير نظام للملكية الفكرية يكون متيناً وموائماً للبيئة، يشجع على الابتكار والإبداع ويبعث الإلهام في الروح الإبداعية والريادية للشباب داخل زامبيا وخارجها.
الغرض من مجلة الويبو مساعدة عامة الجمهور على فهم الملكية الفكرية وعمل الويبو، وليست المجلة وثيقة من وثائق الويبو الرسمية. ولا يراد بالتسميات المستخدمة وبطريقة عرض المادة في هذا المنشور بأكمله أن تعبر عن أي رأي كان من جهة الويبو بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو منطقة أو سلطاتها أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها. ولا يراد بهذا المنشور أن يعبر عن آراء الدول الأعضاء أو أمانة الويبو. ولا يراد بذكر شركات أو منتجات صناعية محددة أن الويبو تؤيدها أو توصي بها على حساب شركات أو منتجات أخرى ذات طبيعة مماثلة وغير مذكورة.