تقع بلدية إمبرت، التي يبلغ عدد سكّانها 22,000 نسمة، في وسط محافظة بويرتو بلاتا. وهي من أبرز الأماكن السياحية في الجمهورية الدومينيكية. وتُعرف المنطقة، إضافةً إلى جمالها الطبيعي، بمنتجاتها الحرفية المحلية.
تعود أصول المنتجات الحرفية في الجهورية الدومينيكية إلى ثقافة التاينا (السكان الأصليين) والثقافة الإسبانية والثقافات الأفريقية. وقد أدّى دمج تلك الثقافات إلى نشوء شكل فريد من أشكال التعبير الفني. فتمتاز تلك المنتجات الحرفية بألوانها الحادّة. وتُصنع جميعها من مواد طبيعية تشتمل على الخشب والمعادن، وحتى حجر العنبر الكريم الذي تُعد الجزيرة موطنه الأصلي. فتلك المواد التي لا توجد إلا في المناجم المحيطة بإمبرت، أحجار فريدة من نوعها تتّخذ هيئة شبيهة بالخشب.
وتلك الأحجار عبارة عن معدن يُعرف بالتلك ويتكوّن من صخور الحجر الرملي الرسوبية (المعروفة أيضًا بتسمية "الأخشاب المتحجرة"). فيمكن صقله يدويًا بواسطة أدوات بسيطة، كالمناجل والسكاكين. ويصنع الحرفيون من تلك الصخور تماثيل دومينيكية تقليدية صغيرة الحجم، كالدمى المغفلة الوجه؛ وتحف التاينو؛ ورموز الأسرة، والولادة، والحب؛ وقطع الشطرنج؛ وكرى البيسبول؛ والحيوانات، والتماثيل الدينية.
وتتأصّل تلك المنتجات الحرفية في تقاليد منطقة إمبرت. ذلك أن المعارف التقليدية والدراية التقنية الخاصة بالمنحوتات الحجرية في إمبرت والمناطق المحيطة بها تعود إلى ستينيات القرن الماضي.
وأُنشئت جمعية حرفيي الأخشاب المتحجرة (ASOARTEP) عام 1977 للاعتراف بالسمات الفريدة التي تمتاز بها تلك المنتجات الحرفية. وتهدف الجمعية إلى حماية أشكال التعبير الثقافي التقليدي القائمة محليًّا وتعزيز تطور الحرفيين المحليين والمنتجات الحرفية المحلية في منطقة إمبرت.
في عام 2011، قامت جمعية حرفيي الأخشاب المتحجرة بتسجيل العلامة الجماعية "IMBERLITA" الخاصة بالمنتجات الحرفية المصنوعة من الأخشاب المتحجرة في إمبرت.
وعلى خلاف العلامات التجارية التقليدية، تعود ملكية العلامات الجماعية عادة إلى مجموعة أو جمعية يتمتع أعضاؤها بحق استخدامها الحصري. والغرض من تلك العلامات هو إطلاع الجمهور على السمة المميزة للمنتج الذي تُستخدم بشأنه العلامة الجماعية. وبالتالي، فإن استخدام تلك العلامة مرهون باستيفاء بعض الشروط.
ففي حالة العلامة الجماعية "IMBERLITA"، لا يجوز استخدام العلامة الجماعية سوى لأعضاء جمعية حرفيي الأخشاب المتحجرة الذين تستوفي منتجاتهم الحرفية المتطلبات التالية:
وكان لتسجيل العلامة الجماعية "IMBERLITA" تأثير إيجابي على حياة الحرفيين المحليين وعملهم.
فبفضل العلامة الجماعية تمكّن حرفيو المنطقة من المشاركة في مسار جماعي يضفي قيمة على عملهم. ويرى بابلو غارسيا، رئيس جمعية حرفيي الأخشاب المتحجرة، أن ذلك لم يكن يتحقّق لولا العلامة الجماعية، لأن معظم الحرفيين يفتقر إلى عامل رأس المال
وعامل الخبرة اللازمين لإنشاء علامات أو إطلاق أنشطة ترويجية.
ويوضح رأيه قائلًا: "إن تسجيل العلامة الجماعية "IMBERLITA" قد مكّن الحرفيين من استحداث قيمة بفضل العلامة. فبعد عشر سنوات من استخدام العلامة الجماعية، تحسّنت ظروف عمل مجموعة الحرفيين. وقد خلق ذلك ما يقارب 200 فرصة عمل مباشرة في مجال استخراج الأحجار وتجهيزها وتسويق المنتجات".
ويرى السيد غارسيا كذلك أن استخدام العلامة الجماعية يكفل للسياح أن المنتجات التي يشترونها هي منتجات أصيلة وأن ما يدفعونه لشرائها سيذهب إلى الحرفيين المحليين. ويعزز ذلك بدوره الاعتراف الدولي بحرف المنطقة. كما أدى استخدام تلك العلامة إلى خفض عدد المنتجات المقلّدة.
شاركت جمعية حرفيي الأخشاب المتحجرة إلى جانب بعض الوكالات الإنمائية في أنشطة تكوين الكفاءات التي تستهدف حرفيي منطقة إمبرت. وأُدرج إنتاج المنتجات الحرفية في الاستراتيجيات المحلية الرامية إلى تطوير السياحة الثقافية في بويرتو بلاتا.
وفي عام 2017، أنشأت حكومة الجمهورية الدومينيكية مبنى هانديكرافتس بلازا المخصص للحرفيين المحليين في إمبرت. ويُستعمل المبنى لدعم تطوير وإنتاج وتسويق المنتجات الحرفية المصنوعة من الأخشاب المتحجرة والتي تحمل العلامة الجماعية "IMBERLITA". ويُستعمل المبنى أيضًا لاستضافة المعارض والأنشطة الثقافية والاجتماعات وغيرها من الأنشطة التي تسلّط الضوء على المنتجات الحرفية التي تزخر بها المنطقة.
وساهم نمو صناعة الأخشاب المتحجرة في إقامة سوق أساسي في قطاعي الثقافة والسياحة في منطقة إمبرت. حتى أن شعار النبالة الخاص ببلدية إمبرت خضع لتحديث وأصبح يشمل المنتجات الحرفية كأحد العناصر التي تتميز بها المنطقة.