الحلول الزراعية الابتكارية إيكولوجياً من الأمور الأساسية لضمان الحد على المستوى العالمي من انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الزراعة وتزويد المزارعين بأساليب إنتاجية مستدامة وفعالة من حيث التكلفة. وهذا الفهم يُعد محورياً بالنسبة إلى مهمة بيودوم المغرب، وهي شركة مغربية صغيرة وسريعة النمو تزوّد المزارعين المحليين بتكنولوجيا تتيح لهم النفاذ إلى الطاقة المتجددة لاستخدامها في مزارعهم.
وشركة بيودوم المغرب، التي أسّستها الدكتورة فاطمة الزهراء برعيش، هي أوّل شركة مغربية تتخصّص في إعادة تدوير النفايات العضوية من خلال عمليات طبيعية وصديقة للبيئة.
وبعد استكمال شهادة الدكتوراه في الهضم اللاهوائي في جامعة الحسن الأول بسطات، انخرطت الدكتورة فاطمة الزهراء برعيش في برنامج لتطوير الأعمال أتاحته الجامعة، مما أسفر عن إنشاء بيودوم المغرب.
والدكتورة برعيش من الأمثلة الملهمة على الابتكار والمقاولة والمثابرة في مجال يشهد تقليدياً هيمنة الرجال. وقد تلقت عدة جوائز منها جائزة أفضل امرأة مقاولة في مسابقة البرنامج العالمي للابتكار في مجال التكنولوجيا الخضراء بالمغرب في عام 2016، وجائزة "تميّز للمرأة المغربية" في عام 2017، وهي جائزة تكافئ إنجازات النساء المقاولات في المغرب.
وأنشأت الدكتورة برعيش شركة بيودوم المغرب مدفوعة برغبتها في إعادة تدوير النفايات الزراعية ومعالجتها بطريقة صديقة للبيئة من أجل تمكين المزارعين في المناطق الريفية من إنتاج الغاز الحيوي والسماد.
في المناطق الريفية بالمغرب، يُعد غاز البروبان المتاح في القارورات – وهو من أقل الخيارات استدامة – المصدر الرئيسي للطاقة المستخدمة لأغراض الطهي والتنظيف وضخ المياه. وتتيح الدكتورة برعيش، بفضل اختراعها، للمزارعين إمكانية استغلال نفاياتهم الزراعية كمصدر طاقة أكثر استدامة، وذلك باستخدام تلك النفايات لإنتاج غاز حيوي وسماد عالي الجودة.
وتقول الدكتورة برعيش في هذا الصدد "لقد قلت لنفسي ماذا لو استبدلنا أسطوانات غاز البروبان بنظام موجود أصلاً ولكن يحتاج إلى تحديث لضمان بقائه واستدامته على المدى البعيد."
وللغاز الحيوي والسماد العالي الجودة اللذين يُنتجان عند تحلّل المواد العضوية العديد من الفوائد بالنسبة إلى المزارعين والبيئة.
فبالنسبة إلى المزارعين، تُعد القدرة على إنتاج غاز من النفايات العضوية مصدراً جذاباً وزهيد التكلفة للطاقة المتجددة. ويمكّن الهضم الحيوي أيضاً من إنتاج سماد عضوي عالي الجودة يمكن للمزارعين استخدامه لتحسين المحاصيل الزراعية وتقليص التكاليف وزيادة هوامش الربح.
أما بالنسبة للبيئة، فإن الغاز الحيوي يساعد على الحد من انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن النفايات العضوية المهجورة ويقلّص إلى أدنى حد ممكن مخاطر تلويث مجاري المياه. كما تسهم تلك الطريقة "النظيفة" لإنتاج الطاقة في تقليل نسبة الاعتماد على الخشب كمصدر للوقود.
وتوفر بيودوم المغرب مجموعة من الهواضم اللاهوائية الزراعية الصغيرة النطاق، بما في ذلك:
وتستخدم هواضم بيودوم نظاماً ابتكارياً بسيطاً لإنتاج الغاز الحيوي وإعادة تدوير المواد العضوية. فيمكن للمزارعين، داخل عبوات خرسانية مدفونة تحت الأرض، إيداع أنواع مختلفة من النفايات، مثل النفايات المنزلية والنباتية والحيوانية، التي تخضع لتخمّر في مسرّع بيولوجي. وفي تلك العملية، يُنتج الغاز من خلال ما يُطلق عليه اسم "الميثنة" أو الهضم الحيوي حيث تقوم البكتيريا بتحليل المواد العضوية طبيعياً في غضون أسابيع. وتلك التكنولوجيا سهلة الاستخدام ورخيصة التكلفة وتتيح للمزارعين إمدادات طاقوية مستقلة ومستدامة في شكل غاز حيوي وإمدادات منخفضة التكلفة من الأسمدة العضوية.
تمتلك الدكتورة برعيش، حالياً، ست براءات تغطي الابتكارات التي تحسّن كفاءة وأداء هواضم بيودوم الحيوية. وتقول الدكتورة برعيش في هذا الصدد "إن براءات بيودوم تُعد أصولاً أساسية. فهي تعكس التزامنا بالبحث والتطوير وتعزيز سمعتنا كمورّد للحلول الابتكارية التي تلبّي احتياجات عملائنا."
وتوضّح السيدة برعيش فكرتها قائلةً "إن عملية الاستفادة من براءة تعني أن تكنولوجيتنا تخضع لتقييم الخبراء وتمكّننا من فهم كيف تختلف اختراعاتنا عن التكنولوجيات المنافسة الأخرى. وذلك يسمح لنا بحماية الخصائص الابتكارية لمنتجاتنا. ونأمل، بالحصول على تلك البراءات، أن نتمكّن من ترخيص أحدث ابتكاراتنا المحمية بموجبها."
وقد أدى الدعم المقدم من الجمعية المغربية للبحث التنموي – وهي جزء من شبكة مراكز دعم التكنولوجيا والابتكار في المغرب – دوراً حاسماً في نجاح بيودوم المغرب. وتقول الدكتورة برعيش في هذا المضمار "لقد علمتُ بوجود شبكة مراكز دعم التكنولوجيا والابتكار في تظاهرة توعوية بالجامعة نظمّها المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية. وبفضل تلك المبادرة، تمكّن العديد من الباحثين والمخترعين الشباب من تحسين فهمهم لكل ما تشمله عملية إيداع طلبات الحماية ببراءة واستفادوا من مشورة خبيرة طيلة تلك العملية."
وقد ساعدت الجمعية المغربية للبحث التنموي الدكتورة برعيش على ضمان التمويل الأولي وكفلت حصولها على المساعدة اللازمة لصياغة طلبات البراءات الخاصة بها والاستفادة من التراخيص ذات الصلة ومن إمكانية النفاذ إلى التكنولوجيا التي تحتاجها لاستحداث هواضمها الحيوية وتسويقها.
وتقوم بيودوم بتسويق هواضمها الحيوية المحمية ببراءات في المغرب وعبر أفريقيا. وتوضّح الدكتورة برعيش في هذا الخصوص قائلةً "تواصل فريقنا المعني بالبحث استكشاف سُبل تطوير حلول تكنولوجية جديدة لأغراض تسويقها في المستقبل."