بقلم شريف سعد الله، المدير التنفيذي، أكاديمية الويبو
تتبوأ أكاديمية الويبو مركز الصدارة عالمياً في توفير دورات تدريبية وتعليمية بشأن الملكية الفكرية. ومنذ تأسيسها في عام 1998، درّبت الأكاديمية ما يزيد عن مليون مشارك من جميع أقاليم العالم، ومكّنتهم من فهم بيئة الملكية الفكرية العالمية المتغيرة باستمرار والانتفاع منها بصورة فعالة.
ويحرص نهج الأكاديمية الذي يضع الإنسان أولاً على كون فرص التدريب في مجال الملكية الفكرية متاحة لجميع المهتمين باستخدام نظام الملكية الفكرية، بمن فيهم رواد الأعمال والمبتكرون والنساء والمجتمعات المحلية والسكان الأصليون والأكاديميون والشباب.
يحرص نهج الأكاديمية الذي يضع الإنسان أولاً على كون فرص التدريب في مجال الملكية الفكرية متاحة للجميع...
وقد أتى هذا النهج بثماره خلال جائحة كوفيد-19. وخلال تلك الفترة، قدمت الأكاديمية مجموعة من الدورات التدريبية المصممة لأغراض محددة عبر الإنترنت لفائدة رواد الأعمال بهدف دعم استخدام الملكية الفكرية لتطوير الأعمال ونموها. وعلى الرغم من التحديات التي فرضتها الجائحة، فقد أتاحت فرصة فريدة لاستكشاف طرق جديدة وأكثر فعالية لتعليم الملكية الفكرية.
مع استمرار الحكومات في مواجهة العواقب الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والتحديات الاقتصادية الصعبة، يدرك صناع السياسات في كل مكان أن الابتكار والإبداع عاملان أساسيان للتعافي الاقتصادي العالمي وإعادة البناء بشكل أفضل. وفي المقابل، نرى طلباً متزايداً على مهارات الملكية الفكرية العملية التي تمكّن المبدعين والمبتكرين ورواد الأعمال من تحويل أفكارهم إلى أعمال تجارية تنافسية لتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية وثقافية. ولذلك باتت أكاديمية الويبو تركّز على التدريب على مهارات الملكية الفكرية لتزويد المشاركين بالمعرفة والأدوات العملية التي يحتاجونها للتعامل مع نظام الملكية الفكرية على نحو فعّال.
تركز أكاديمية الويبو على التدريب على مهارات الملكية الفكرية لتزويد المشاركين بالمعرفة والأدوات العملية التي يحتاجونها للتعامل مع نظام الملكية الفكرية على نحو فعّال.
وانطلاقًا من الاعتقاد الراسخ بأن الملكية الفكرية مهمة للجميع، وفي كل مكان، أخذت الأكاديمية في التواصل مع المجموعات التي قد تنتفع أكثر من غيرها من فهم كيفية استخدام نظام الملكية الفكرية فهماً عملياً، ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وفيما كانت الملكية الفكرية يُنظر إليها تقليديًا على أنها مجال محصور بالمحامين، أصبحت اليوم معترفاً بها على نطاق واسع كأداة قوية من شأنها أن تدعم طموحات الأشخاص وأهدافهم مهما كانت خلفياتهم وفي جميع أنحاء العالم. وعليه، تقدّم الأكاديمية مواد تدريبية في مجال الملكية الفكرية، تكون ميسّرة وسهلة الفهم ومتعددة اللغات وعملية وملائمة لأي شخص مهتم بالمشاركة في عالم الملكية الفكرية.
وفقاً للبنك الدولي، تمثّل الشركات الصغيرة والمتوسطة 90 بالمئة من إجمالي الشركات وأكثر من 50 بالمئة من العمالة العالمية. وتساهم الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع الرسمي في ما يصل إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناشئة. وتكون هذه النسبة أعلى عندما يُنظر أيضاً إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع غير الرسمي. ومع ذلك، وفي ظل البيئة الاقتصادية الصعبة التي نعيشها اليوم، يكافح العديد من تلك الشركات من أجل الاستمرار. وبالنظر إلى الأهمية الاقتصادية التي يضطلع بها رواد الأعمال، فمن الضروري أن نبذل كل ما في وسعنا لدعمهم وتيسير نفاذهم إلى المعارف والأدوات ذات الصلة بالملكية الفكرية، والتي يحتاجونها كي يصبحوا أصحاب شركات وأرباب عمل ناجحين، فيخلقون فرص العمل ويدفعون عجلة الانتعاش والنمو الاقتصاديين.
ولهذا السبب، أصبح استخدام الملكية الفكرية في مجال الأعمال محوراً مهماً ينصبّ عليه التركيز في برامج الأكاديمية. وتواصل شبكتنا الخاصة بمؤسسات التدريب على الملكية الفكرية توسعها السريع، وباتت برامجنا التدريبية تستهدف احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة أيضاً في القطاعات الإبداعية والابتكارية فتمكّنها من الاستفادة من نظام الملكية الفكرية على أكمل وجه لتعزيز أهدافها التجارية.
في أيامنا هذه، أصبح فهم الملكية الفكرية عاملاً أساسياً لإدارة الأعمال الناجحة في جميع القطاعات.
ومن خلال الفهم السليم لحقوق الملكية الفكرية، تتمكّن الشركات الصغيرة والمتوسطة من حماية قيمة منتجاتها وخدماتها الابتكارية والإبداعية والاستفادة منها، والحرص على بروز أعمالها على نطاق أوسع وتحسين سمعتها، وتجنب التكاليف الناتجة عن التعدي غير المتعمد على حقوق الملكية الفكرية التي يملكها الغير. وفي أيامنا هذه، أصبح فهم الملكية الفكرية عاملاً أساسياً لإدارة الأعمال الناجحة في جميع القطاعات.
ولذلك فإن البرامج التي تقدّمها مؤسسات التدريب في مجال الملكية الفكرية التابعة للأكاديمية تكون مصممة خصيصاً لفائدة رواد الأعمال المحليين العاملين في الصناعات الأساسية، مثل فن الطهي والحرف اليدوية والسياحة والزراعة. وعلى وجه التحديد، ونظراً للحاجة إلى دعم الجهود الساعية للتعافي الاقتصادي بعد الجائحة، تعمل مؤسساتنا التدريبية في مجال الملكية الفكرية بصورة نشطة مع الشركات المحلية لتوجيهها ومساعدتها في تحديد أصول الملكية الفكرية لديها والسعي إلى حمايتها من خلال مبادرات الإرشاد وغيرها من المبادرات التدريبية.
تعمل أكاديمية الويبو على توسيع شبكة الشركاء الأكاديميين لديها لتشمل مدارس إدارة الأعمال، فهي في طور إعداد درجات ماجستير جديدة في إدارة الأعمال تركّز على الملكية الفكرية والاستراتيجيات وريادة الأعمال. وستتاح هذه البرامج اعتبارًا من عام 2024.
مهمتنا هي تزويد الطلاب بالأدوات التي يحتاجونها لإحراز النجاح.
وفي حين أن النهج النظرية القانونية للملكية الفكرية لا يزال لها دور تؤديهه، أصبحت الأكاديمية تصب تركيزها بصفة أساسية على بناء المهارات. فمهمتنا هي تزويد الطلاب بالأدوات التي يحتاجونها لإحراز النجاح. ونسعى إلى تحقيق ذلك من خلال برامج تتضمن دراسات حالة عملية وواقعية، وتمارين محاكاة عملية بشأن تسويق الملكية الفكرية، والترخيص، والتفاوض، والتوسيم، وصياغة البراءات (على غرار الشهادة الجديدة لبرنامج الويبو الدولي للتدريب بشأن صياغة البراءات)، بالإضافة إلى القوائم المرجعية العملية (على غرار القوائم الواردة في الدورة التنفيذية الجديدة بشأن الملكية الفكرية والصادرات المتاحة للتعلّم عن بعد) وفرص العمل المتاحة حيثما أمكن. ومن خلال هذا التعلم التجريبي، يكتسب المشاركون في برامجنا رؤى قيمة حول تحديات الملكية الفكرية في العالم الحقيقي، ويتسنى لهم تطبيق ما تعلموه على الفور.
في عام 2020، ركزت الأكاديمية على تقديم برامجها بأنساق افتراضية وأنساق هجينة. وباتت منصة التعلم الإلكتروني المحدّثة والمعززة التابعة للأكاديمية تقدّم دورات بأكثر من 10 لغات، وذلك يتيح فرصاً للطلاب في كل مكان.
وأصبحت جميع برامج الأكاديمية تنطوي على إمكانيات للتعلم عن بعد، مما يوفر للمشاركين قدراً أكبر من الراحة والمرونة بالإضافة إلى فرصة التعمّق في الوحدات المكثفة للتعلّم المصغر أثناء التنقل، وذلك عبر أجهزتهم المحمولة.
وإن سهولة النفاذ إلى برامج الأكاديمية تساهم بالفعل في تعزيز المشاركة. فعلى سبيل المثال، ارتفعت المشاركة في مدارس الويبو الصيفية، التي انتقلت إلى نسق رقمي حصراً خلال الجائحة، بنسبة 160 بالمائة في عامي 2020 و2021.
ويساهم ارتفاع نسبة المشاركة في زيادة الطلب على الكتب المدرسية الافتراضية ومكتبات الملكية الفكرية الرقمية من الجامعات الشريكة ومؤسسات التدريب في مجال الملكية الفكرية. وسعياً لتلبية هذه الطلبات، أنشأت الأكاديمية شبكة الويبو الدولية للتعليم في مجال الملكية الفكرية، التي تتضمن أكثر من 170 من منشورات الملكية الفكرية والكتب المدرسية والكتب الإلكترونية في نسق رقمي وتتيحها الأكاديمية مجاناً لجميع الأساتذة والمحاضرين والخبراء والطلاب الحاليين والخريجين من برامج درجة الماجستير المشتركة للويبو. وتساعد هذه التطورات الجديدة والمشوقة جميعها على تقليل البصمة البيئية لمبادرات الويبو التعليمية والتدريبية.
يؤكد سعينا لتعريف جماهير جديدة بالملكية الفكرية على الأهمية غير المسبوقة التي تضطلع بها الشراكات. وأصبحت الأكاديمية تقدّم أيضاً برامج لتمكين بلدان من أقاليم مختلفة من عقد شراكات لمعالجة موضوعات الملكية الفكرية الرئيسية والتعلّم من بعضها البعض في طور ذلك. وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، قامت الأكاديمية ببناء شبكة واسعة من الشركاء والأكاديميين والخبراء والخريجين. ويؤدّي هذا المجتمع الأساسي دوراً مركزياً فيسمح بإيصال المعارف والرؤى بشأن الملكية الفكرية بطريقة فعّالة، وهي المعارف والرؤى التي يحتاجها المشاركون في برامجنا من أجل التعامل مع نظام الملكية الفكرية والاستفادة منه على نحو فعّال.
إن توسّع مجتمع الخريجين من الأكاديمية يفيد بأن عملنا له أثر على الجيل الجديد الذي يحرّك الملكية الفكرية ويدفع عجلتها.
إن توسّع مجتمع الخريجين من الأكاديمية يفيد بأن عملنا له أثر على الجيل الجديد الذي يحرّك الملكية الفكرية ويدفع عجلتها. ويأتي خريجونا من الأوساط الحكومية والأكاديمية وأوساط البحث العلمي وقطاع الأعمال. وهم يسعون كل يوم ليردّوا الجميل للأكاديمية ويمهدوا الطريق للدفعة التالية من الطلاب، مستخدمين معارفهم وخبراتهم المكتسبة لدعم الانتفاع الفعّال للملكية الفكرية وتوسيع نطاق استخدامها من قبل الجميع وفي كل مكان، مما يثبت أن الملكية الفكرية قادرة على تغيير حياة الناس.
إن الأسس المتينة التي تفضي إلى مواصلة نجاح الأكاديمية تتمثّل في تطوير برامجنا، وعلى وجه الخصوص نهجنا الجديد لبناء المهارات المرتكزة على الأعمال التجارية، وتوسيع فرص التعلم الرقمي، والبرامج الجديدة لإصدار واعتماد شهادات من أجل تصديق المعرفة والمهارات، والتزامنا بتطوير الشراكات وشبكة خريجينا. غير أنه ما زال علينا القيام بالكثير، ولذلك سنواصل مواكبة التطورات الناشئة والاتجاهات التربوية في مجال التدريب والتعليم في مجال الملكية الفكرية حرصاً على استمرارنا في تقديم تعليم عالي الجودة ومتاح للجميع في مجال الملكية الفكرية.
وهدفنا هو تنمية مجتمع متمكّن يتألف من مستخدمي الملكية الفكرية الذين يشاركون معارفهم وخبراتهم ويلهمون الآخرين لتسخير الإمكانات الكامنة في أفكارهم الابتكارية والإبداعية لخدمة المصلحة العامّة. وإذ نعمل معًا لعرض الملكية الفكرية وفوائدها على جمهور جديدة وأكثر تنوعاً، سنواصل دعم إنشاء أنظمة إيكولوجية شاملة للابتكار لفائدة الجميع.
الغرض من مجلة الويبو مساعدة عامة الجمهور على فهم الملكية الفكرية وعمل الويبو، وليست المجلة وثيقة من وثائق الويبو الرسمية. ولا يراد بالتسميات المستخدمة وبطريقة عرض المادة في هذا المنشور بأكمله أن تعبر عن أي رأي كان من جهة الويبو بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو منطقة أو سلطاتها أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها. ولا يراد بهذا المنشور أن يعبر عن آراء الدول الأعضاء أو أمانة الويبو. ولا يراد بذكر شركات أو منتجات صناعية محددة أن الويبو تؤيدها أو توصي بها على حساب شركات أو منتجات أخرى ذات طبيعة مماثلة وغير مذكورة.